صواريخ الحوثيين.. هدية خامنئي لـ بايدن ونتنياهو (1)
هلل الكثيرون في أرجاء الوطن العربي، والكارهون لأمريكا وشريكتها إسرائيل، للقصف الحوثي لبعض السفن العابرة في البحر الأحمر.. للأسف هؤلاء يجهلون الحقائق المستترة، ذلك أن الحوثيين وحزب الله اللبناني، وباقي الأذرع الإيرانية في المنطقة لها مآرب، ودوافع عكس المعلن.. وتلك الأهداف لو تم الكشف عنها، لن تسرَّ العرب.
تقول السياسة إن علينا ألا نأخذ أبدا بظاهر الأمور مهما كانت مشتعلة إعلاميًّا، فالحقيقة لا نجدها في وسائل الإعلام ولا في التصريحات السياسية النارية، بل نكتشفها على أرض الواقع.. وتعلمنا من الفلاسفة الإغريق ألا نركز على ما يقوله الساسة، بل على ما يفعلونه على الأرض.
حلف واحد يتقاسم العالم العربي
ولو نظرنا إلى ما فعلته أمريكا وإسرائيل من جانب، وإيران من جانب آخر، على الأرض، لعرفنا أن الطرفين حلف واحد يتقاسم العالم العربي بالمسطرة والقلم.
فمنذ عدة عقود تبحث الولايات المتحدة، ومن ورائها إسرائيل، عن ثغرة تنفذ بها إلى البحر الأحمر، والخليج العربي، لتسيطر على منافذ بحرية غاية في الخطورة والأهمية.. بها تستطيع أن تطوق العالم، ولاسيما عدويها اللدودين؛ الصين وروسيا، وتحكم سيطرتها على الوطن العربي بكامله.
الوجود العسكري الأمريكي في هذه المنطقة يحقق لها حلمًا، هو إجهاض مشروع طريق الحرير الصيني.. هذا الحلم لم يكن ليتحقق لولا الصواريخ التي أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل؛ بزعم الدفاع عن غزة، رغم أن ثمة أهدافا إسرائيلية على بعد مرمى حجر من اليمن، لم ينظروا إليها.. بل فضلوا استهداف السفن المارة في البحر الأحمر؛ ما منح أمريكا وبريطانيا الفرصة والمسوغ لتواجد عسكري، وقصف المدنيين في اليمن.
أمريكا، ومعها إسرائيل، ستدخل اليمن، ولا أتوقع أن تخرج منها قبل عقدين من الزمان، على الأقل، ولنا العبرة في العراق! ومن هنا، يمكننا القول؛ إن صواريخ الحوثيين هي بمثابة هدية، غير مجانية بالطبع، من السيد علي الحسينيّ الخامنئي، المرشد الإيراني الأعلى، لكل من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وحليفه الصهيوني بنيامين نتنياهو.
التغلغل الإيراني المتزايد في المنطقة
قالها باحث سوري كبير يعيش في أمريكا: “لا تتفاجؤوا بالتغلغل الإيراني المتزايد في المنطقة عموما وسوريا خصوصا؛ فهناك اتفاق بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، يسمح لإيران بالتمدد واستعداء العرب للتخفيف من العداء العربي لإسرائيل”.
بعبارة أخرى هناك اتفاق بين إسرائيل وإيران على تقاسم العداء مع العرب، فبدلا من أن تظل إسرائيل البعبع والعدو الوحيد للعرب في المنطقة، تتقاسم العداء مع إيران، بحيث يخف الضغط على إسرائيل. ولو نظرنا الآن لوجدنا ثمرات هذا الاتفاق على الأرض..
ألم يصبح غالبية العرب ينظرون إلى إيران على أنها أخطر عليهم من إسرائيل؟ وبالتالي، فإن كل العداء هذا الظاهر بين الصفيوني والصهيوني مجرد ضحك على الذقون. أما الخوف الإسرائيلي من الوجود الإيراني في سوريا ولبنان فقد أصبح نكتة سمجة لم تعد تنطلي على تلاميذ المدارس.
في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، ظهر فجأة إلى الوجود حزب الله اللبناني، كأول ذراع عسكري لإيران في المنطقة. ولو ظهر ذلك الحزب مثلا في بلد عربي بعيد عن إسرائيل، لكان الأمر مستساغا..
لكن الذي حدث أن إيران أسست حزب الله على الحدود مباشرة مع ما تسميه وسائل الإعلام الإيرانية الكيان الصهيوني، بعد أن قضت بالتعاون مع النظام السوري، آنذاك، على كل الفصائل اللبنانية والفلسطينية والوطنية واليسارية والإسلامية وغيرها في لبنان التي كانت تخوض حرب العصابات ضد إسرائيل. فجأة ظهر حزب الله ليرفع شعار تحرير القدس من على الحدود مع إسرائيل مباشرة، وليس من طهران.
اعتدنا، منذ سنوات طويلة، على التهديدات الأمريكية والإسرائيلية بضرب إيران، وتوجيه الشتائم لها، واتهام نظام طهران بمناصرة الإرهاب... و.... و... ولكن هل تعرضت إيران لأية اعتداءات من جانب الدولتين الحليفتين، أم أن طائرات الاحتلالين الإسرائيلي والأمريكي لا تضرب إلا الأهداف العربية؟!!
قصف المفاعل العراقي ومقر منظمة التحرير
تاريخيًّا؛ تم قضف مفاعل يوليو العراقي في سنة 1981، ثم ضربت مقرات منظمة التحرير في تونس في حمام الشط سنة 1985، ثم هاجمت ليبيا وقصفت منزل الرئيس الليبي سنة 1986.. وضربت مصانع أسلحة في السودان في عمق الجنوب سنة 2012، وفي السنة نفسها قصف المفاعل النووي السوري.
ولا تزال الطائرات تقصف في سوريا والعراق واليمن بكل حماس.. ولا يزال مفاعل بوشهر الإيراني القريب جدا من الخليج العربي، آمنا مطمئنا.
ملحوظة: نحن لا نحرض، لا سمح الله، على ضرب إيران، ولكننا نوضح الحقائق للعرب الطيبين، الذين يصدقون كل ما يقال عبر وسائل الإعلام، ومعظمه مغرض.