ثورة الشعب المخطوفة
رفعت شعار «عيش حرية عدالة اجتماعية»، ولم يكن الشعار وحده الأكثر إغراء في ثورة 25 يناير، فقد بات واضحا في هذا التاريخ أن النظام تكلس وتجمد، ولم يعد قادرا على الإيفاء بمتطلبات شباب واعد يرغب في التغيير، ويدعو له بطرق سلمية أذهلت العالم.
وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على تحرك شعبي مسالم أراد التغيير فكان له تغييرا على غير ما يريد، وسط عملية اختطاف ممنهجة قامت بها جماعة الإخوان المسلمين وأرادت أن تنفرد وحدها بثمار النصر وبحركة الجماهير التي أرادت تغييرا حقيقيا يليق بمصر.
ومرت الأحداث في متوالية من الهزائم التي منيت بها التيارات المدنية، فلم يكن أمام هذه الجماهير العريضة إلا أن تتحرك مرة أخرى لمواجهة شبح اختطاف مصر إلى منحى يبتعد كثيرا عن هويتها وإمكانياتها وجغرافيتها السياسية، فسقط الإخوان في الاختبار وانزاحت الغمة.
ويبقى السؤال: هل تحققت شعارات ثورة يناير المجيدة؟ بالطبع لم يتحقق العيش ولا الحرية ولا العدالة الاجتماعية، وسط ظروف داخلية وأخرى في المحيط الإقليمي وثالثة على المستوى الدولي، فبات الناس كافرون بثورتهم أو هكذا أريد لهم أن يكفروا بالدعوة إلى التغيير التي كانت شعارا مصريا راقيا لو صدقت النوايا.
والمثير أن الذين وصفوا يناير بأنها كانت مؤامرة هم الذين استفادوا من يناير، بل إنهم انفردوا بالمشهد، فهناك من الإعلاميين من كانوا مجرد مندوبين صغار في القدر وفي الوضع وفي المهنة صاروا نجوما مفروضة بقوة الإجبار والقهر والاستفراد بالمشهد.
وهناك ممن يهاجون يناير من وصلوا إلى مراتب لم يكن الواحد منهم يحلم بعشرة في المائة مما وصلوا إليه، بعد أن أفرغت الساحة وانفردوا بجنى المحصول النهائي لحركة شباب يناير، ومع ذلك فإن الواحد منهم يصرخ فينا ليل نهار مهاجما المتآمرين على الوطن في 25 يناير.
والأغرب أن الدولة التي يعترف دستورها بثورة الشباب في 25 يناير لا يحتفلون بثورة يناير، بل يعتبرون مناسبتها واحدة من فرص الهجوم عليها، والنيل منها دون النظر إلى ما كانوا عليه وما أصبحوا فيه الآن بعد مرور ثلاثة عشر عاما على سقوط نظام مبارك.
ومن المفارقات الأكثر إثارة أن هناك من امتطوا ثورة يناير وأقحموا أنفسهم على الميدان وعندما وجدوا الفرصة سانحة كانوا أول الطاعنين في الثورة وشبابها، باعتبارها مؤامرة أرادت النيل من الوطن واستقراره، وهناك من اختفوا في ظروف غامضة، وما إن لاحت لهم الفرصة قفزوا إلى أول الصفوف.
قد لا يكون من المنطقى الحديث عن مكتسبات يناير أو عن نجاحها أو فشلها بعد هذه السنوات القليلة، إذ يرى البعض أن يناير لم تنطفئ نيرانها، وأن شعلة 30 يونيه في إسقاط الإخوان ليست نهاية المطاف.. أعتقد ومثلى كثيرون يرون أن تحقيق أهداف يناير بالحوار يجنب مصر وأهلها ويلات الفوضى والفتنة.