البرلمان والغلاء!
خلال المحاكمة البرلمانية التى أقامها مجلس النواب مؤخرا لوزير التموين الدكتور على مصيلحى بدا أن المجلس سوف يركز جل اهتمامه على المشكلة الأكبر التى تؤرق معظم المواطنين وهى مشكلة الغلاء الذى يعانون منه منذ أكثر من عام مضى..
لكن لم يتبع ذلك تحركات برلمانية أخرى رغم أن الغلاء كبير ومعدل التضخم يتجاوز 35 في المائة بعد تراجعه قليلا خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، فضلا عن أن احتمال ارتفاعه قائم فى ظل الانخفاض الكبير للجنيه تجاه الدولار مع بداية هذا العام، فهذا الانخفاض يترتب عليه بالتبعية ارتفاعا فى كل أسعار السلع المستوردة والمنتجة محليا.
لقد توقع الناس من سخونة المحاكمة البرلمانية لوزير التموين أن تتسع هذه المحاكمة لتشمل وزراء آخرين فى الحكومة، خاصة وأن الدكتور على مصيلحى قال للنواب وهو يدافع عن نفسه أنه ليس وحده المسئول عما يحاكمه البرلمان عليه وأن الحكومة كلها مسئولة عنه..
كما توقع الناس أن يمضى البرلمان فى القيام بواجبه تجاههم وهم يعانون من هذا الغلاء الكبير، وأن يستمر فى أداء دوره الرقابى حتى يخلصهم من هذه المشكلة المؤرقة لهم، خاصة وأن محاكمة البرلمان لوزير التموين اتسمت بالشجاعة والحماس.. وذلك حتى لا يكون ما حدث فى البرلمان مجرد محاكمة ومرت وإنتهى الأمر، بينما بقيت المشكلة الضاغطة على الناس بلا حل حقيقى وعلاج مفيد بالفعل، وليس مجرد وعود لا يتحقق منها إلا القليل فقط!
إن الناس يتوقعون ممن يمثلونهم فى البرلمان ما هو أكثر من جلسة عاصفة من الهجوم على وزير التموين طالبه بعضهم فيها بالاستقالة.. أى تغييرا فى الأداء الحكومى والسياسات الاقتصادية لكبح جماح هذا الغلاء الذى طالت معاناتهم له.. وهذا دور أصيل للبرلمان في الدستور.. وهذا أيضا أحد سمات الجمهورية الجديدة أو الدولة العصرية التى نتطلع لها ونسعى لإقامتها.