اتصال من مسئول كبير يدق ناقوس الخطر!
قبل نهاية العام 2009 تلقينا نحن رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية، اتصالًا هاتفيًا من الراحل صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة وقتها طلب منا عقد اجتماع فوري مع مسئولي التوزيع بمؤسساتنا لمناقشة أسباب صعود توزيع جريدة المصرى اليوم على حساب الصحف القومية وقتها..
حيث تقول الأرقام إنها -أي المصري اليوم- لحقت صحفنا القومية وربما سبقت بعضها في التوزيع وربما التأثير في الرأي العام، وقد طلب منا البحث عن حلول لهذه المسألة للحفاظ على مكانة ودور الصحافة القومية بحسبانها رمانة ميزان الرأي العام بوصفه من أهم مقومات الأمن القومي.
وبالفعل استجبنا لطلب صفوت الشريف، وعقدنا اجتماعًا حضرته بوصفي رئيسًا لمجلس إدارة دار التحرير للطبع والنشر(الجمهورية) مع الزملاء الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام وقتها، والراحل المهندس عهدي فضلي رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، وغيرهما من القيادات الصحفية القومية..
وأيًا ما كانت أسباب ازدهار المصري اليوم وزحفها لتهدد عرش الصحف القومية؛ فإن اتصال صفوت الشريف بمسئولى الصحافة القومية يعطي دلالات مهمة؛ فقد كان هناك من يتابع أداء وتوزيع الصحف من واقع أرقام التوزيع ومن ثم التأثير، ويقرأ دلالات المشهد وانعكاساته على الحكومة..
ومن ثم يتخذ القرارات السريعة لتحليل أسباب ذهاب القارئ إلى صحف خاصة شقت لنفسها طريقًا لعقول ووجدان الناس وقتها بما تقدمه من محتوى جاذب وجريء، ساعده مناخ متسامح وهامش حرية وتدفق معلومات أسهم مع عوامل أخرى في خلق تجربة صحفية متميزة، جعلت هناك إقبالًا على قراء الصحف وازدهارها وصعود توزيعها لأرقام ضخمة لا ترقى كل صحف اليوم -قومية وخاصة- إلى عشرة بالمائة مما كانت توزعه تلك الصحف أيام صفوت الشريف.
التأثير في الرأي العام
اليوم أرقام توزيع الصحف مجتمعة لا تكاد تصل لعشرات الآلاف؛ وهو ما يدق ناقوس خطر على ضعف تأثير تلك الصحف في المشهد، وفي الرأي العام على وجه العموم.. ولا ينبغي لأحد أن يتعلل بالمنافسة الشرسة مع الصحافة الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ فمثل هذا الدفع مردود عليه بأن الصحف العريقة في العالم لا تزال متربعة على عرش القراء في العالم كله..
فمن ينكر استمرار النيويورك تايمز والواشنطن بوست في التأثير الكبير في الرأي العام الأمريكي وربما في المشهد العالمي، ومن ينكر أن الصحافة المطبوعة في الهند لا تزال توزع ملايين النسخ ولا تزال رغم التقدم التكنولوجي الهائل للهند بحسبانها من الدول المتقدمة في التكنولوجيا فائقة التطور تجذب المواطن الهندي..
لكن قوة تلك الصحف لها أسباب ومقومات نجاح لا تسعى صحفنا لحيازتها والتغلب على صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وصعوبة تدفق المعلومات وبسط السيطرة عليها بصورة لا تمنحها حرية الحركة والقدرة على تحقيق الانتشار المطلوب، وضعف كفاءة البعض وانعدام تبادل الخبرات بين الأجيال..
وغيرها من العوامل التي ينبغي أن تدعو نقابة الصحفيين لعقد مؤتمر جامع يحضره شيوخ المهنة وشبابها لدراسة الوضع البائس للصحافة كلها، ووضع خارطة طريق لإنقاذ المهنة وأصحابها واستعادة تأثير وحضور وأمجاد صاحبة الجلالة، التي تقوى الدولة بقوتها وتخفت بخفوتها.. فهل تفعلها نقابة الصحفيين؟!