رئيس التحرير
عصام كامل

استقالة الوالدين

المشاهد التي تتكرر يوميا في شوارعنا وتحديدا أمام المدارس تحمل أبعادا خطيرة.. ألفاظ يتفوه بها الأبناء وسلوكيات تنذر بالخطر أمام منظومة قيم بدت كما لو كانت ركاما بعد زلزال أو غرقا بعد طوفان عظيم.. فأصبحنا أمام أزمة مقيتة تتلخص في استقالة الوالدين عن رسالتهما المقدسة.

 

ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حينما جسد ذلك الواقع المرير في بيتين:

ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من       هـمِّ الحـياةِ، وخلّفاهُ ذليـلا

إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ          أمًّا تخلّـتْ أو أبًَا مشغـولا

 

إن كثيرا من الآباء والأمهات قدموا استقالتهم.. وبعضهم يؤمن بمفاهيم خاطئة حول التربية فيظنها مجرد تمويل شهري فيزعم أنه بمجرد دفع مبلغ مالي كل شهر يسمونه مصروفات أو نفقات أنه بذلك أدى واجبه على أكمل وجه.. بعض الأمهات كذلك وربما نتيجة خلاف مع الزوج تتجاهل الكثير من قواعد التربية، ولست مبالغا إن قلت إننا نحن أحيانا بحاجة إلى تربية فعلينا أن نُرَبَّى قبل أن نُرَبِّي..

 

وأمام سطوة المغريات الحديثة ووسائل اللهو والترفيه تتزايد خطورة إهمال قواعد التربية.. ولست أتصور أسرة سوية تسمح لأطفالها ومراهقيها بقضاء ساعات مع أجهزة المحمول والحواسيب اللوحية في غرف مظلمة.. برغم أن الخبراء حذروا مرارا من تلك السلوكيات فالأب والأم في تلك الحالة لا يعرفان من يراسل الأبناء سرا في الغرف المظلمة.

 

إن أبناءنا لديهم قدرات تفوقنا أضعافا في التعامل مع تلك الأجهزة والبرامج لكن الأهم من تلك القدرات هو ترويضها وتقنينها وتحويلها إلى مصدر للخير لا للشر، ومنبع للربح لا للخسارة.. وما الذي يمنع وضع تلك الأجهزة في مواقع ملحوظة من البيت كغرفة المعيشة وما الذي يمنع الوالدين من الاستعانة بمتخصص لبرمجة تلك الأجهزة بما يمنع دخولها على مواقع غير أخلاقية..

 

 

إن الأبناء أمانة في الأعناق.. ولعل الخطر يتضاعف في حالات الطلاق أو الخلافات الزوجية وتلك أزمة تستدعي مضاعفة الاهتمام والتنسيق بين الوالدين -حتى في حالة الطلاق- فليس من ذنب الأبناء أن يضطروا لتحمل خسارة تسبب فيها الآباء والأمهات.. والله من وراء القصد. 

الجريدة الرسمية