لغز إعفاء رئيس مصلحة الضرائب من منصبه؟!
إعفاء رئيس مصلحة الضرائب الدكتور فايز الضباعنى المفاجئ من منصبه لغز كبير وخطير.. فالرجل لم يمض على توليه قيادة هذا الجهاز الهام والخطير خمسة أشهر فقط، والحجة المعلنة بلوغه سن المعاش.. التساؤلات تملأ المجتمع الضريبى دهشة واستغرابا وشائعات أيضا ونحن على أعتاب موسم ضريبى لتقديم الإقرارات الضريبية الجديدة.
أصعب التساؤلات المعبرة عن مرارة ما تعانيه قطاعات مجتمعنا والقطاع الضريبى ومن أهمها تخبط الحكومة ووزرائها فى إدارتها وقراراتها غير المدروسة ولا المفهومة، لا وهى تقرر ولا هى تلغى أو تقيل قيادات مواقعها الهامة، كما حدث بالضبط في إختيار وإعفاء رئيس واحد من أهم أجهزة وإدارات وزارة المالية قبل أيام قليلة بصورة مفاجئة.
الأمر كما ذكرت فتح الطريق أمام الكثير من الشائعات والتساؤلات.. فلماذا تم اختياره رئيسا لأكبر جهاز تابع لوزارة المالية، ومعلوم أنه سيخرج على المعاش خلال شهور قليلة؟!
وهل هذا المنصب فقد أهميته التي كانت كبيرة فى السنين الماضية، باعتباره مسئولا عن تحصيل نحو 70% من موارد الخزانة العامة للدولة؟! فضلا عن تشابك عمله مع كل القطاعات الانتاجية والاستهلاكية والتجارية أم أنه كان معه العصا السحرية التى ألقى بها في الساحة فحسم كل مشاكل وقضايا المجتمع الضريبى؟!
ومعلوم أن مشاكل وقضايا المجتمع الضريبى كبيرة ومزمنة، فلا بأس أن يذهب ذلك القيادة وتأتى قيادة أخرى لتكمل المسيرة بعد خمسة أشهر فقط.. لغز آخر يروج له قطاع كبير من أهل الضرائب أن الرحيل المفاجئ لرئيس المصلحة كان إقالة غير معلنة ولم يكن بسبب بلوغ سن المعاش..
ويدعون حجتهم بأن رئيس مصلحة الضرائب السابق تم تحميله مسئولية توريط الوزير ودفعه لاستصدار القرار المشبوه الخاص بإنشاء سجل خاص بالمحاسبين القانونيين الذين يحق لهم التعامل مع مصلحة الضرائب، بما اعتبرته الأطراف الأخرى المعنية قانونا بمزاولى مهنة المحاسبة في البلاد وعلى رأسها نقابة التجاريين وجمعية المحاسبين والمراجعين المصرية.
حيث تم اعتباره اعتداء وتغولا صارخ من وزارة المالية على دورها الذى تنظمه، وقوانين مزاولة المهنة وقانون النقابات المهنية، ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل دفع البعض إلى رفع قضايا اختصموا فيها الوزير بصفته أمام القضاء، الأمر الذى ألحق بالوزير حرجا بالغا، خاصة بعد أن تكشف له عدم وجود أى سند قانونى يتيح له التدخل في عمل الغير، ودفع به إلى التراجع عن القرار ولم تمضى ساعات على صدوره، أى قام بتجميد القرار.
والأمر وأهميته أو خطورته هنا ليس في إصدار قرار والتراجع عنه، أو تكليف قيادة لموقع استراتيجي ثم إعفائها خلال وقت قصير، لكن الأمر الأهم هل كان ذلك في صالح العمل وتم وفق دراسات متأنية تخدم مصلحة البلاد والعباد أم أن التخبط والمصلحة الشخصية تحكم؟!
في تقديرى رب ضارة نافعة لأن قرار إعفاء فايز الضباعنى رئيس مصلحة الضرائب السابق بهذه الصورة المفاجئة من رئاسة أكبر جهاز إيرادى في البلاد يفتح ملف يثير تساؤلات كثيرة حول طريقة اختيار رؤساء أجهزة المصالح الضريبية في السنوات الأخيرة.
وكيف لمسئول جهاز بهذا الحجم يتقلد منصبه لخمسة أشهر أو سنة أو حتى سنة ونصف كما جرى في السنوات العشر الماضية يستطيع أن ينفذ خطة إصلاح شامل لجهاز يعد ثانى أكبر أجهزة الدولة والمرتبط بكل القطاعات الحيوية بما يعانيه من مشاكل مزمنة لا ينكرها أحد وأيضا بصلاحيات تقلصت كثيرا منذ إنشاء منصب مستشار أو نائب الوزير للسياسات الضريبية الملحق بقطاع مكتب الوزير؟!
بالإضافة إلى مدى تأثيره أيضا على العمل الضريبى سلبا أو إيجابا، والأهم مدى تأثيره على تنفيذ خطة الضرائب السنوية وتوصيات المجلس التشريعى، وأهداف البرنامج المالى لخطة التنمية العامة للبلاد، سواء ما يتعلق منها بالحصيلة المستهدفة سنويا لصالح خزانة الدولة أو ما يتعلق باستكمال برنامج الإصلاح الضريبى الشامل، والذى امتد تنفيذه لسنوات تخطت ربع قرن بعدد 9 وزراء تعاقبوا على تنفيذه، ولا يعلم أحد متى سيصل محطته الأخيرة حتى الآن.
لله الأمر من قبل ومن بعد.