رئيس التحرير
عصام كامل

هل تتواصل عندنا الأجيال؟!

هل نؤمن حقًا بتواصل الأجيال.. وهل يحرص الكبار، وخصوصًا النابغين في أي مجال، على احتضان الأقل سنًا وخبرة، أم يضنون عليهم بما وهبهم الله من علم ومعرفة وقدرات فذة نحتاجها لاستمرار مسيرة العطاء والبناء.. وهل يهتم الصغار بسؤال الكبار عما يحتاجون إلى معرفته دون استحياء أو استعلاء؛ فكلاهما يدمر كل فرص التعلم واستلهام تجارب النجاح..

 

وإذا كان الجواب بالإيجاب.. فبمَ نفسر تراجعنا وتخلفنا عن ركب الريادة والابتكار في مجالات كثيرة.. ويكفى للتدليل على ذلك أننا لا نكتفى ذاتيًا لا من الغذاء ولا من الدواء ولا من التكنولوجيا؟!
 

لا شك أن النجاح لا يتحقق دون عمل وخبرة واستلهام تجارب الناجحين في كل مجال؛ فلا شيء ينمو من عدم، ولا طموح يتحقق في فراغ، بل إن الإنجاز عمل تراكمي منظم له هدف وخطة وأدوات ومقومات لا غنى عنها؛ ولعل العلم والتعلم هما كلمة السر في أي نهضة أو تقدم للأفراد والشعوب على السواء.. 

تناقل الخبرات

دلونى على نموذج ناجح؛ فردًا كان أو دولة، تطور دون تعلم أو محاكاة لتجارب فذة صنعت نهضة حقيقية؛ ومن ثم كانت أولى آيات القرآن هى "اقْرَأْ"، أي تعلم، وجاءت الدعوت في القرآن أيضًا صريحة بالاستزادة من العلم بقوله تعالى: "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"، وتلك إشارة إلى أن قطار التعلم عند الإنسان لا يتوقف.. 

 

بل لا يجب أن يتوقف، طالما في الإنسان بقية قدرة وطاقة ورغبة في التعلم وطلب الاستزادة، ولا يزال الرجل عالمًا ما طلب العلم فإن ظن أنه علم فقد جهل؛ فالله تعالى يقول: “وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا”{الإسراء:85}.. هكذا تتوارد الإشارات القرآنية تحثنا على طلب العلم والتعلم. 


ومن وسائل التعلم الاستفادة من خبرة من سبقونا في الحياة؛ وتتعاظم أهمية تلك الاستفادة في عصرنا شديد التطور والتعقيد؛ ذلك أنه لا يمكن لإنسان اليوم الزعم بأنه اكتفى من العلم، أو ليس بحاجة لأن يتعلم أكثر مما تعلمه؛ فالمرء قد يصل إلى حد عميق في تخصصه، لكن ماذا عن بقية التخصصات والعلوم والمعارف؟ وليس معنى ذلك أن نتعلم كل العلوم كما يتعلمها المتخصصون فيها، ولكن شيئًا من كل شيء.

 


والسؤال هنا: كيف أن نتعلم ممن قبلنا، أو ممن سبقونا في الحياة، كالآباء والأمهات أو الزملاء الأكثر خبرة في العمل.. ما دمنا كلنا في حاجة لتناقل الخبرات من الأجيال السابقة؛ حتى لا نعيد اكتشاف العجلة من جديد؟!

الجريدة الرسمية