رئيس التحرير
عصام كامل

اليوم التالي في غزة

ليس منطقيا أن تضع كل الأطراف سيناريوهات للوضع في غزة بعد أن تضع النيران أوزارها، ولا يكون هناك سيناريو عربي فلسطيني محدد ومتفق عليه، حتي لا يصبح الفلسطينيون أيتاما علي موائد اللئام، والأمر المؤكد أن حرب غزة حطمت الافتراضات السابقة المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. 

 

وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة مختلفة مجهولة المعالم ستحدد موازين القوى في الإقليم وربما تكون المواجهة الراهنة فرصة لوضع أسس جديدة يمكن عبرها ضمان سلام دائم، بل ويمكن لصدمة الحرب أن تسرّع التغيير، لأنها تكتسح الأفكار القديمة، وتفرض خيارات صعبة من أجل مستقبل أفضل.

 

وتشير دراسة للمركز المصري للدراسات الاستراتيجية إلى أن هناك سيناريو حل فلسطينى، لا يعرض القطاع لتدخلات من أطراف إقليمية ودولية. هذا الحل المقترح له جسر أو مدخل وحيد هو عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة غزة، في محاولة لاستعادة الوضع الطبيعي لما قبل عام 2007.. 

 

وهو المسار الآمن الوحيد المتاح لعلاج المسببات الحقيقية للانفجار الراهن في غزة وحل القضية الفلسطينية بشكل واقعي، وكان بايدن قد أرسل نائبته، كامالا هاريس، إلى دبي مؤخرا لإلقاء خطاب يحدد الخطوط الحمراء الأمريكية لغزة في اليوم التالي، وقد وضعت خمسة مبادئ: لا للتهجير القسري، لا لإعادة الاحتلال، لا للحصار أو المحاصرة، لا لتقليص مساحة الأرض، لا لاستخدام غزة كمنصة للإرهاب.

غزة ما بعد الحرب

وبالفعل بدأ مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن وضع تصور لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة تقوم بالأساس على سيطرة السلطة الفلسطينية عليه في نهاية المطاف، غير أنه في ظل الخلاف المتواصل حول سيناريوهات مستقبل غزة ما بعد الحرب.. 

 

تتمسك تل أبيب برفض تسيير السلطة الفلسطينية للقطاع، أن  نتنياهو يدعي أنه لا يمكن الوثوق بالسلطة الفلسطينية وأنها تدعم الإرهاب، على الرغم من أنها تعترف بإسرائيل وتتعاون معها في المجال الأمني وخطة نتنياهو البديلة هي ضم مدينة غزة وشمال غزة بالكامل إلى إسرائيل والمطالبة بها كمنطقة أمنية، بالرغم من أنها فعلت ذلك من قبل وفشلت وإضطرت للانسحاب.. 

 

ومؤخرًا أعلن عزمه صراحة إقامة منطقة عازلة زاعما أن ذلك بعد سحق المقاومة، وهو مالم يتحقق أبدا، وكان سببا في خلاف علني مع الإدارة الأميركية، وهناك اقتراحات دولية أخري لتشكيل إدارة انتقالية من التكنوقراط في قطاع غزة لمدة عامين تكون مدعومة من الأمم المتحدة وقوات عربية أو قوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة، بعد انتهاء القتال تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى الحكم على المدى البعيد. 

 

فيما تظهر إقرارات أخري بإقامة سلطة جديدة تضطلع بتسيير شؤونه. بزعم أن هناك حاجة ماسة إلى تجديد شباب القيادة الفلسطينية ويحظى مروان البرغوثي، وهو أحد قادة فتح المسجون في إسرائيل منذ عام 2002، بشعبية كبيرة بين العديد من الفلسطينيين، لكن البعض في واشنطن يعتبره اقتراحا غير عملي.. 

 

لأن الحكومة الإسرائيلية لن ترغب في إطلاق سراح شخص تتهمه بأن يديه ملطختان بالدماء. وتطرح بعض القوي الإقليمية اسم محمد دحلان، الذي كان المسؤول الأمني عن قطاع غزة حتى فقدت السلطة الفلسطينية السيطرة على القطاع لصالح حماس.. 

 

 

ولكن رغم عمله بشكل وثيق مع الولايات المتحدة خلال فترة توليه مسؤولية الأمن في غزة، فإن واشنطن سيكون لديها بعض التحفظات على عودته إلى السلطة. فهناك عداء طويل الأمد بينه وبين محمود عباس ودائرة المسؤولين الداخلية في السلطة الفلسطينية ومع أنصار حماس أيضا.

الجريدة الرسمية