رئيس التحرير
عصام كامل

اختبار علني لأمريكا!

رغم أننى أعرف النتيجة.. تعالوا نختبر وعود الرئيس الأمريكي بايدن ووزير خارجيته مؤخرا لتخدير الشارع العربي بأن الحل الدائم للصراع العربي الإسرائيلي هو إقامة دوله فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
 

تعالوا نختبر هذه الوعود الكاذبة بجهاز كشف الكذب الدبلوماسي.. أقصد باختبار بسيط وهو تقدم إحدى دول مجلس الأمن الحالي مثل غانا أو البرازيل بمشروع قانون إلى مجلس الأمن بالاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، تحقيقا للوعد الأمريكي، واحتياطيا بلغة القانون كدولة تحت الاحتلال إذا رفضت بعض الدول الموالية لإسرائيل وفي مقدمتها واشنطن.
 

وطبعا سيتم استخدام الفيتو الأمريكي ضد مشروع القرار وسيكشف هذا التصرف للجميع بجلاء ووضوح مسلسل التضليل والوهم الأمريكي للعرب والمسلمين، والذي مللنا منه، وليتأكد الكل من جديد أن الكذبة الأمريكية بضرورة قيام دولة فلسطينية إلى جانب الكيان الإسرائيلي مجرد تخدير للشارع العربي حتى لا يثور على ما يحدث في غزة الآن.


طبعا قد يقول قارئ إذا كانت واشنطن قد رفضت وقف إطلاق النار باستخدام سلاح الفيتو فهل ستقبل إقامة دولة فلسطينية بقرار من مجلس الأمن؟


الإجابة كما قلت معروفة لي وللجميع، لكنها ستكون كاشفة وفاضحة في هذا التوقيت وسوف تؤدى إلى فض الدعم الأوروبي على الأقل لواشنطن وإحراج جميع هذه الحكومات أمام شعوبهم، وطبعا هم لا يخجلون!

مسلسل القتل الصهيوني 


وإذا كان الفيتو الأمريكي الأخير ضد وقف إطلاق النار كان هدفه منح الكيان الصهيوني الفرصة كاملة للإجهاز على حماس كما يقولون، لكن حقيقة الأمر هو محاولة الإجهاز على القضية أي القضاء على أكبر عدد ممكن من شعبنا الفلسطيني في غزة وتدمير ما تبقى من منشآت ومبان بحيث لا تصلح غزة للسكن والإقامة.


طبعا هذه أوهام تتعنكب في خيالهم فقط، لأن المقاومة وخصوصا للمحتل لوطن، فكرة وعقيدة، والأفكار والعقائد لا تموت أبدا حتى يتحقق الاستقلال مهما طال الانتظار، قد تهدأ جذوة المقاومة ويتخفى الاعتقاد بعض الوقت بسبب الإنهاك والتعب، لكن للأفكار أجنحة تنتقل بها من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر من بدء الخليقة وحتى يوم القيامة، لا تموت أبدا، لأنها بذور حية قابلة للإنبات في كل زمان ومكان، كتب لها الخلود ما دامت هناك بشرية ووجود!
 

وفلسطين آخر الأوطان المحتلة بشكل رسمي وعلني في العالم، لذلك تربتها صالحة للبذر والإنبات لملايين الأفكار والآعتقادات وحركات المقاومة مثل حماس والقسام والجهاد وفتح.. إلخ.


وفي مسلسل القتل والتدمير الصهيوني الدائر الآن في غزة أعتقد أن هناك حلقات جديدة منه في الأيام القادمة لأطالة المسلسل ومطه وسيناريوهات متعددة لزيادة معدلات التدمير والقتل الوحشي والتصفية الجسدية والتجويع والتهجير، فمن لم يمت بالقصف مات بالمرض وبالجرح والجوع والعطش!


السيناريو القادم
 

أما الخطوة التالية بعد الإنتهاء من تدمير شمال ووسط غزة فقد يكون محاولة دفع ما تبقى من الشعب الفلسطيني في غزة إلى الحدود المصرية قائلين لهم: الموت خلفكم وسيناء أمامكم.. لوضع مصر في إختبار أخلاقى وقومى ووطنى وسياسي صعب.. 

 

فعدم قبولهم يعنى قتلهم.. وقبولهم يعنى القضاء نهائيا على القضية الفلسطينية من جهة، ومن جهة ثانية أن إسرائيل تستخدم الشعب الفلسطيني دروعا بشرية لإحتلال سيناء من جديد بشكل آخر بدفعهم إليها ظاهريا لكن حقيقة الأمر هو مبادلة سيناء بقطاع غزة وأهلها.. وهذا يعنى فتح باب الصراع المصري الإسرائيلي في من جديد 2024 بعدا أن أغلق في معاهدة كامب ديفيد عام 1979..


السيناريو الثاني -وهو ما أعتقد تنفيذه- أن الكيان الصهيوني بعد أن رأى العين الحمراء من مصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي سيطلب من أهال غزة المتواجدون في الجنوب الآن العودة إلى الوسط وأجزاء من الشمال بعد اقتطاع جزء منه وأجزاء من حدود الغزاوية مع الصهاينة لتكوين غلاف عازل آخر معهم.


والعودة ستكون بهدف الإجهاز على ما تبقى في الجنوب من جهة وإعطاء أي مبررات للداخل الإسرائيلي من جهة ثانية بأنهم قضوا على حماس بالكامل وأدبوا الشعب الفلسطيني لاحتضانه حماس بما فيه الكفاية من القتل والتدمير والتشريد مقابل عملية 7 أكتوبر التي قامت بها حماس والجهاد وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى.


ويكون المشهد الأخير قبل أن تضع الحرب أوزارها أن نرى ما بقي من أهل غزة يجلسون على أنقاض بيوتهم وأحلامهم وجثث شهدائهم بلا مأوى أو طعام أو غذاء، يلتحفون السماء في البرد القارس بعد أسابيع ويفترشون الأنقاض ومنتظرين بدء الحلقة الجديدة لأعادة تعمير غزة بالمساعدات الدولية والإنسانية.


وتبدأ بعد ذلك حلقات غسيل الدماغ الصهيونية والأمريكية في أجهزة الإعلام الغربية وذيولهم في كل مكان لتبييض السمعة وتنظيف الأيدي المغموسة في دماء مئات الآلاف من الضحايا والمصابين والمعتقلين.. 

 


وأخيرا هل نجح الكاوبوي الأمريكي وذيوله في أبعاد الكاميرا عن الحرب الروسية الأوكرانية، بعدما تأكد للجميع قرب حسم المعركة لصالح الدب الروسي، لذلك جاءوا للبحث عن انتصار ولو وهمي على حساب أكثر من 2.3 مليون مواطن أعزل في غزة.. لتصديرها ضمن أفلام هوليود للشعوب الأمريكية والاوروبية لتبرير ما أنفقوه لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل.. ثم يسألون لماذا نكره أمريكا وإسرائيل!!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية