رئيس التحرير
عصام كامل

العمدة الحقيقي في أبوتيج!

ليس بالضرورة أن نتحدث عن أحد المشاهير انتقل إلي جوار ربه.. ليس بالضرورة أن يكون الراحل وزيرا أو محافظا أو نائبا أو أحد رجال الأعمال الكبار.. بل المفروض العكس أن كل هؤلاء مكلفون بخدمة عامة وقضاء حوائج الناس من بين مهامهم الأساسية.. "خير الناس أنفعهم للناس" و"أحب الأعمال إلي الله سرور تدخله إلي قلب مؤمن".. 

 

هكذا بشر هؤلاء رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن علينا أن نفرزهم ونعرفهم خاصة أن كانوا بين آخرين يستحلون الحرام ولا يعرفون للعلاقات مع غيرهم حلالا أو طريقا مستقيما.. وتبقي أهم نقطة علي الإطلاق: إنهم مع الناس.. بسطائهم وضعفائهم وفقرائهم كعلاقتهم بكبرائهم وأغنيائهم بكل تواضع ممكن.. وكل رفق متاح..

 

ورغم كل ذلك يبقي الأهم علي الإطلاق: التعامل لله ولله فقط.. لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا.. لا مطمع ولا مغنم.. لا رغبة في خدمة مقابلة ولا سعي ولا تخطيط للترشح في هذا المجلس أو ذاك..


هناك في أبوتيج بجنوب أسيوط.. راحوا يحكون لي قصة الشيخ المسن الذي جاء من إحدي التوابع لواحدة من القري التي تقع بين مدينتي الفتح وأسيوط العاصمة، ليقدم واجب العزاء في الحاج محمود جالوس.. وهو يكاد يستطيع المشي فكان المشهد مؤثرا لماذا أجهدت نفسك وبينك وبين العزاء عدة مواصلات وعشرات الكيلومترات؟! قال: قدم لي جميلا لن أنساه أبدا.. وراح في البكاء!


محمود جالوس موظف سابق بكهرباء أسيوط.. ابن عائلة طيبة يتمتع بالسمعة الحسنة علاقاته مع الأجهزة التنفيذية ونواب البرلمان جيدة.. مكنه ذلك من تذليل عقبات كثيرة علي الغلابة والبسطاء.. يعرفون مكانه عند ضريح الإمام أحمد الفرغل سلطان الصعيد وصاحب الكرامات..

ضريحه مقصد طوال العام لأصحاب الحوائج.. بينما هو لم يكن يفعل شيئا بجانب رعاية أسرته إلا خدمة الناس.. ولا يفعل ذلك إلا مبتسما سعيدا بما يقدم، يبسط للناس الأمور فلا يشعرون بالخجل أو الحرج.. ولله في الله!


أمثال هؤلاء غير قليلين.. العبرة في كيف نقدرهم في حياتهم وبعد مماتهم.. خادم القوم سيدهم.. وهو العمدة الحقيقي.. إن جاز التعبير في مدينة كبيرة انتهت منها العمدية منذ أكثر من قرن تقريبا 
رحم الله الرجل.. وألهم أسرته ومحبيه ومن خدمهم في كل مكان.. كل الصبر!

الجريدة الرسمية