صبرا آل غزة
(البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر والثبات، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام على مائدة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم)...
تلك كلمات القائد المسلم العظيم طارق بن زياد، فاتح الأندلس فى عهد موسى بن نصير، قالها عندما وصل قوام جيشه لقرابة 12 ألف مقاتل مقابل 100 ألف مقاتل من جيش الأسبان، محاصرين من جميع الجهات وقد أحرق العدو سفنهم، فلم يكن هناك مخرج للتراجع أو الفرار أو العودة من حيث أتوا من شمال أفريقيا بعدما عبروا البحر والمضيق.. لذا قال خطبته الشهيرة فألهب حماس مقاتليه وهزموا عدوهم بفضل الله وتوفيقه.
لا نبالغ مطلقا إذا قلنا أن غزة بأهلها ومقاتليها وأطفالها ونسائها ورجالها وشيوخها في موقف أصعب من جيش طارق بن زياد، فلا يوجد لهم مدد من أمة تعداها يقرب من 2 مليار مسلم، ولا يوجد ثمة من يمدهم بالسلاح أو حتى يهدد عدوهم بإرسال بعضا من السلاح إليهم.. ها هم يستشهدون وحدهم دون بواكى لهم إلا من أفراد مقهورة وسط شعوب مكبلة بأنظمة تقيم علاقات مع عدوهم سرا أو جهرا!
ها هم، يقاتلون في سبيل الله وفى سبيل الحق فيقتلون عدوهم تارة ويقتلهم عدوهم تارة أخرى، لكن وحدهم يسيرون، ووحدهم يستشهدون ووحدهم يبعثون، فكلهم كأبى ذر الغفاري الذى بشره الرسول الكريم بموته وحيدا وبعثه وحيدا لأنه وقف فى وجه الظلم وحيدا لم يشاركه أحد جهاده في سبيل حق المستضعفين والفقراء فلا يشرف أحد بعظمة صحبته.
صبرا آل غزة
شهرين من العذاب المفرد لهم تماما مثل آل ياسر الذين بشرهم الرسول بالجنة فى بداية ظهور الإسلام، ف آل غزة جميعا هم آل ياسر العصر، يقاومون تحت قصف همجى لا يفرق بين مدنى وعسكرى، قصف حقير من كائنات لا تعرف إنسانية، تتعمد قنص الأطفال حتى في وقت الهدنة، تبيد الأبرياء..
تصوب أهدافها نحو الأضعف والأصغر والأكثر براءة، ورغم ذلك لا يتحرك نظام عربى أو إسلامي أو غربى ليدفع عنهم القتال بأى وسيلة دبلوماسية أو قتالية أو حتى بالتهديد الأجوف.. لا شىء مطلقا، فقط أهل غزة المحاصرين حقا بين مدافع وقنابل وطيران اللئام الذين إنضمت إليهم بريطانيا العظمى ذيل أمريكا الدائم وتابعها المطيع لتكمل مربع الشر المكون من أمريكا والكيان وفرنسا.
الحل في مزيد من المقاومة
لن نقول مثل المتصهينون الجدد الذين ينطقون بلسان العدو بأن غزة محتلة، وأن المقاومة ماتت وحق لها أن تطلب الرحمة، فهذا حديث الجبناء الذين يعتبرون الحياة الدنيا نهاية كل شىء، بينما نقول مثل العلامة الراحل عبد الوهاب المسيرى، أن الحل فى مزيد من المقاومة..
فهذا عدو جبان حريص على حياته ولا يرى سواها، بينما نحن لنا عقيدة تخيرنا بين الحسنيين، النصر أو الشهادة، فإن قتلنا ها هنا فنحن أحياء عند ربنا، لذا فلنصبر ونحتسب وندعوا الله أن يثبت كل مجاهدوا غزة وفلسطين والنصر قريب بإذن الله.
Fotuheng@gmail.com