رئيس التحرير
عصام كامل

دعوة أمريكية للقتل

ليست مشاهد القتل أو التدمير أو التخريب وحدها هي التي تلقى بك إلى مساحات من الحزن العميق أو تصيبك بحالة من الاكتئاب الدائم، ليس لأنهم فلسطينيون أو عرب وإنما لأنهم بشر لا يجدون موقعا آمنا يلجأون إليه هربا من موت محقق فالمشاهد الأخرى أكثر دموية.


عندما يطل عليك مسئول أمريكي متحدثا بثبات حول مطالبته لجزارى تل أبيب بترشيد القتل بين المدنيين، أو عندما يخرج من بينهم واحد آخر ليقول لك إنه مسيحي وأن الكتاب المقدس يفرض عليه أن يقف مع إسرئيل، ويقحم كتاب السلام والأمان والعدل والمحبة في قضية القتل الممنهج.. ساعتها سيكون الاكتئاب مضاعفا.


إن كلمات مسئولي أمريكا حول حق قتل الأطفال وشرعية وأد الفلسطينيين تحت الأنقاض وشرعنة ذلك دينيا أو أخلاقيا إنما يوسع من فجوة بين الشرق والغرب ويمنح القائلين بأننا أمام حرب صليبية جديدة، شرعية في الرد وظهور أجيال جديدة من المتطرفين لديهم من أقوال هؤلاء السفهاء منهج وبيان.

 صناع الموت 


الصمت الغربى والمشاركة الإنجليزية والأمريكية في الحرب على مواطنين عزل يمنح التطرف فرصة ذهبية، ويخلق بيئة مرحبة بما يمكن أن يفعله جيل الشباب العربي ضد مصالح الغرب وأمريكا في المنطقة، ويمنح الدعوة لقتل كل ما هو غربى ومحاربة كل ما هو أمريكي وجودا فعليا يعتمد على شرعية الدفاع عن الدين، وهي شرعية إن نمت لن تبقى على الأرض مساحة للسلام والعيش.


عندما يقول رئيس مجلس النواب الأمريكي أنه مسيحي وأن الكتاب المقدس يفرض عليه الوقوف مع إسرائيل في حربها ضد شعب أعزل، فإن هذا يعنى أن الإدارة الامريكية وأن الدولة الأمريكية تشارك قتلا وتدميرا وحرقا بالسلاح والجنود والضغط في حرب بربرية لا يقبلها عقل ولا دين.


وعن أي كتاب مقدس يتحدث وعن أي دين يتكلم وعن أي إنسانية يعبر وهو المنتمى إلى دولة صدعت العالم بحديثها عن حقوق الإنسان، وتدخلت في بلاد وحاربت أخرى ودمرت أنظمة تحت وهم عناوين براقة، فلم يكن من نهاياتها إلا أن هزمت في فيتنام وفي العراق وفي أفغانستان، ولم تحقق نصرا إلا ضد مفاهيم الحياة.

 


ومن وسط ركام بيت انهار بقذيفة أمريكية وحراسة إنجليزية وتنفيذ صهيوني تخرج طفلة لا يزيد عمرها عن أربع سنوات تسأل منقذيها: عمو ده حلم ولا حق وحقيقي؟! وأمام نبرات صوتها لا ينهار الغرب الذي يحدثنا عن حقوق الحيوانات.. ألا يدفعنا ذلك دفعا إلى تشجيع قتل كل من ينتمى إلى هذه الحضارة إن لم يشجعنا على قتالهم.. إنهم صناع الموت ولا يعرفون لغة إلا لغة القتل.. قاتلوهم واقتلوهم فانهم يقتلون أبناءنا دون رحمة.

الجريدة الرسمية