رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

هذه الأفلام حاربتها إسرائيل فحصدت الجوائز الدولية؟! (1)

ليس من الجديد في شيء أن نقول إن سلاح الفن الهادف من أقوى الأسلحة بل هو أقوى وأمضى من كل أسلحة الحروب التقليدية ومن ترسانات أعتى الجيوش وصواريخها، فالفن الذي يخاطب العقول ويشكل الوجدان أكثر تأثيرًا وأسرع انتشارا من مختلف وسائل الدعاية التي يلجأ إليها صناع القرار في أوقات الحروب والأزمات الكبرى.


وقد لعب الفن بكافة أنواعه خاصةً السينما دورًا محوريًا على مدار التاريخ في الأوقات الصعبة والاستثنائية، مثل التي نعيشها حاليًا مع كثرة الحروب والصراعات، وأحدثها العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، الذي هدفه الرئيس تصفية القضية الفلسطينية والقضاء عليها إلى الأبد ولكن هيهات أن يتثنى له ذلك ووراءها شعب بطل آبى يبذل الغالي والنفيس في سبيل قضيته العادلة.


والحقيقة أن السينما  لم تدخر جهدًا في طرح القضية الفلسطينية عبر العديد من الأفلام التي تناصرها وتدعمها منذ بداية النكبة عام 1948، مثل فتاة من فلسطين لسعاد محمد ومحمود ذو الفقار، الله معنا لعماد حمدي وفاتن حمامة، أرض السلام لفاتن حمامة أيضًا وعمر الشريف وغيرها من الأعمال على امتداد المراحل والتحولات التي شهدتها القضية والصراع العربي الاسرائيلي والتي تعرضنا لها في مقالات سابقة.


كما أن السينما العربية والعالمية أيضًا أولت هذه القضية اهتمامًا كبيرًا، وكانت أكثر جرأة وعمقًا في تناولها بالشكل الذي دفع الكيان واللوبي الصهيوني وأتباعه إلى محاربة عدد كبير من هذه الأفلام بكل قوة، ومحاولة منع عرضها في المهرجانات السينمائية الكبرى، ورغم ذلك نجح عدد من هذه الأفلام في حصد كثير من الجوائز وتحقيق انتصارات سينمائية ودعائية قوية للقضية الفلسطينية.

يد إلهية والجنة الآن 


من أهم الأفلام العربية التي انتصرت للقضية الفلسطينية وحاربتها اسرائيل فيلم يد إلهية، الذي  يعرض لحكاية حب وألم بين شاب من سكان أرض فلسطين 48 وفتاة من الضفة الغربية، والصعوبات والمعاناة الإنسانية التي يعانيان منها في محاولة التنقل للقاء والقدرة والمعونة الإلهية التي تمتد إليهما، فيتحولان إلى بطلين يسببان مشاكل وأضرارًا جسيمة للكيان الصهيوني.


الفيلم بطولة وتأليف وإخراج الفنان الفلسطيني إيليا سليمان وإنتاج فلسطيني مغربي فرنسي ألماني عام 2002. وقد حصل على عدة جوائز منها جائزة الفيلم الأوروبي لأفضل فيلم غير أوروبي.


الجنة الآن، من أكثر الأفلام التي أثارت جدلًا وأرقت الكيان الصهيوني وحصدت العديد من الجوائز الدولية منها جائزة الجولدن جلوب وجائزة من مهرجان برلين، وجائزة الفيلم الأوروبي لأفضل سيناريو، وجائزة العجل الذهبي من هولندا، كما تم ترشيحه لجائزة أوسكار أحسن فيلم بلغة أجنبية.

 

وهو من تأليف بيرو بيير والفلسطيني هاني أبو أسعد الذي قام بالإخراج أيضًا، وبطولة قيس ناشف وعلى سليمان وإنتاج فلسطيني هولندي ألماني عام 2005. ويحكي الفيلم عن أخر 48 ساعة في حياة شابين فلسطينين يستعدان للقيام بعملية استشهادية داخل اسرائيل.. 

 

وقد اعتبر الكيان الصهيوني أن الفيلم يمجد للعمليات الانتحارية ضده وحاربه بقوة، واندلعت  مظاهرات ضد قرار المسؤولين عن جوائز الأوسكار لمنع ترشيحه لإحدى جوائزه، كما قامت مروحيات اسرائيلية بقصف أحد المواقع القريبة من مكان تصوير الفيلم بنابلس، ما أدى إلى انسحاب 6 من طاقم العاملين بالفيلم!

قصة حب ومذبحة جنين

عمر، فيلم فلسطيني  آخر تأليف وإخراج هاني أبو أسعد ترشح أيضًا لأوسكار أحسن فيلم ناطق بلغة أجنبية مثل فيلمه الجنة الآن، بطولة آدم بكري، ليم لوباني، ويدور حول عامل مخبز يدعي عمر يعبر الجدار الفاصل يوميًا للقاء حبيبته نادية فيتم اعتقاله من قبل جنود الاحتلال وتعذيبه لكي يقبل بالعمل لصالحهم ضد وطنه! نال الفيلم جائزة مهرجان أسيا باسفيك سكرين وتنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان كان عام 2013.


والفيلم الأردني فرحة، هاجمه العديد من السياسيين الاسرائيلين لتصويره مذبحة ارتكبها جنود الاحتلال ضد عائلة فلسطينية بها طفلان ورضيع  إبان بداية النكبة عام 1948، وهي قصة حقيقية تمت روايتها للمؤلفة والمخرجة والمنتجة الأردنية دارين ج سلام، وقد لاقى الفيلم صدى واسعًا لدى عرضه في مهرجان تورنتو بكندا عام 2021.


جنين جنين، من الأفلام الوثائقية التي كان لها دور مهم في دعم فلسطين وفضح فظائع ومجازر اليهود ضد الشعب الفلسطيني، حيث يكشف حقيقة المجزرة التي نفذها الكيان الصهيوني ضد الشعب الأعزل في مخيم جنين للاجئين الفلسطينين بالضفة الغربية أثناء عملية الدرع الواقي عام 2002.

 

 

وهو الفيلم الذي منعته سلطات الاحتلال وصادرت نسخه قبل أن تسمح المحكمة العليا في اسرائيل بعرضه، وتم رفع عدة قضايا ضد كاتبه ومخرجه ومنتجه الفلسطيني محمد بكري لاتهامه بتشويه صورة القوات الاسرائيلية، وعرض وجهة نظر واحدة فقط وحصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم من مهرجان قرطاج السينمائي بتونس.

وإلى لقاء في المقال المقبل إن شاء الله لنستكمل باقي هذا الموضوع.

الجريدة الرسمية