رئيس التحرير
عصام كامل

كفانا تصريحاتٍ ووعودًًا!

حين يخرج المسئول -أي مسئول- بتصريحات تبشر بتحسن اقتصادي لابد أن تستند إلى واقع يسندها ويسهل الاقتناع بها بين الناس؛ فلا يقنع إلا المقنع في النهاية، والناس لا تصدق إلا ما يصل فعليًا لا أقول إلى بطونها بل إلى حياتها اليومية، فتتحسن معيشتهم وتطمئن قلوبهم ويسري التفاؤل بالمستقبل إلى عقولهم وأفئدتهم.. 

 

أقول ذلك بمناسبة تصريحات متفائلة أدلى بها رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي أعقب جولته التفقدية لعدد من مصانع مدينتي العبور والعاشر من رمضان أكد فيها أن «أزمة العملة عابرة وستنتهي قريبًا».. وهي تصريحات بقدر ما تدعونا للتفاؤل بقدر ما تثير أسئلة حائرة في الأذهان..

Advertisements

 

فعلى أي أساس بنى رئيس الوزراء توقعاته أو تقديراته؟! هل ثمة زيادة قريبة في عوائد الصادرات أو السياحة الوافدة أو قناة السويس أو تحويلات المصريين العاملين بالخارج؛ وهي الروافد الأساسية لجلب العملة الصعبة التي يكتنف تدبيرها صعوبات لا تخفي وهو ما يترك آثارًا سلبية على الأسواق التي تشهد ارتفاعات متتالية في الأسعار، بعضها مبرر وكثير منها لا مبرر له؟!


كنا نرجو من رئيس الوزراء وهو يزف خبرًا سعيدًا كهذا أن يشفع حديثه بأرقام وبيانات تقول لنا كيف ستتوقف المضاربات في سوق الدولار أو الدولرة التي تشكل ضغوطًا كبيرة تأخذ التضخم لمستويات قياسية ترهق المواطن والدولة معًا.. 

سعر الدولار

فكل ارتفاع في سعر الدولار يرفع أعباء الموازنة العامة ويزيد أعباء الديون الخارجية.. فهل سيكون هناك رقابة مشددة على السوق السوداء للدولار لوقف المضاربة، لتكون تلك بداية حقيقية لا أقول لخفض الأسعار بل لتثبيتها على أقل تقدير.. لتخفيف العبء عن المواطنين الذين أرهقهم الغلاء الذي لا يتوقف؟!


ورغم اختلافي مع كثير من طروحات ومواقف الإعلامي عمرو أديب لكنى أرى ما قاله تعليقًا على تصريحاتالدكتور مصطفي مدبولي رأيًا وجيهًا؛ ذلك أنه قال: «عندما يقول رئيس الحكومة هذا الأمر، فهو يعرف حاجة إحنا منعرفهاش، أو شايف شيء جاي إحنا مش شايفينه»، بحسب تعبيره.. فما هو هذا الشيء الذي دفع رئيس الوزراء لهذه التصريحات المتفاءلة حتى يطمئن الناس وتهدأ الأسواق؟!


نرجو أن تتعامل الحكومة مع أزمة الدولار برؤية بعيدة المدى تقوم على طرح حلول بصورة دائمة تضمن استقرار الوضع وعودته إلى مساره الطبيعي.


نرجو أن تخرج الحكومة ووزراؤها وخصوصًا وزير التموين ليقول لنا: لماذا ارتفع سعر السكر والأرز رغم أنهما سلعتان يكفي إنتاجنا المحلي لتلبية احتياجاتنا ومن ثم يصبح ارتفاع أسعارهما غير مفهوم وغير مبرر؟! فما بالنا بسلع يجري استيراد أغلبها من الخارج وهو ما يكاد يخرج عن سيطرة الحكومة بحكم أن ما يحكمنا هو منطق العرض والطلب وقبلهما سعر الدولار مقابل الجنيه المصري!


حديث رئيس الوزراء عن الدولار لم يكن الأول من نوعه فقد سبقه إليه محافظ البنك المركزي السابق طارق عامر الذي وعد بتراجع الدولار أمام الجنيه بدرجات كبيرة بينما تجاوز الواقع توقعات المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدولي الذي توقع مع أول تعويم للجنيه ألا يتجاوز سعر الدولار 14 جنيها.. فأين سعر الدولار اليوم من هذا الرقم؟!

 

 

ورغم وجود تعويم جديد لكن ماذا عن السعر الحقيقي للدولار في السوق الموازية وهي التي تتحكم فعليا في أسعار السلع والخدمات.. نرجو أن تكون تصريحات المسئولين أكثر واقعية وموضوعية لتجد طريقها للإقناع والقبول الشعبي!

الجريدة الرسمية