فيتوريا.. الانضباط قبل النجومية والشهرة!
حسنًا ما فعله البرتغالي روي فيتوريا، المدير الفني لمنتخب مصر الأول لكرة القدم، حين أقدم بشجاعة وحسم على استبعاد الثلاثي طارق حامد وإمام عاشور وحسين الشحات من معسكر المنتخب قبيل مباراة سيراليون..
على خلفية تخلفهم عن استكمال الحصة التدريبية التي أعقبت مباراة جيبوتي مع لاعبين آخرين لم يشاركوا في المباراة، ليغادر الثلاثي معسكر المنتخب في خطوة تضع النقاط على الحروف وتقول بوضوح إن الانضباط والحرص على النظام مقدم على أي اعتبار آخر.
ويبدو طبيعيًا قي سياق كهذا أن يحقق منتخب مصر فوزين متتالين على جيبوتى، بستة أهداف دون رد، ثم بهدفين على منتخب سيراليون بهدفين دون رد أيضًا.. رغم سوء أرضية الملعب في المباراة الأخيرة.. لكن إلتزام اللاعبين برؤية وتعليمات الجهاز الفني يبدو عاملًا حاسمًا في انضباط الأداء وتنفيذ رؤية المدير الفني داخل المستطيل الأخضر.
متعة وانضباط وعدالة
ما فعله فيتوريا يجعلنا نتمنى أن تسود روح الحسم والشفافية والمحاسبة لكل مقصر أينما كان؛ فذلك وحده كفيل بعلاج آفات مصرية مستعصية تعوق التقدم والعدالة وتكافؤ الفرص.. أهم تلك الأمراض في رأيي المحسوبية والواسطة والمجاملات وتقديم أهل الثقة على أهل الخبرة والكفاءة والقدرة، وهو ما يفسر لنا لماذا تقدمت كرة القدم وتخلفت البيروقراطية الإدارية في مجالات وقطاعات كثيرة حولنا.
ما تحققه كرة القدم من متعة وانضباط وعدالة يجعلها بحق صانعة للسعادة، وجاذبة لاستثمارات ضخمة حول العالم ويجعلها أيضًا مثار إعجاب لما تحققه من شفافية التنافس وتحقيق أمنيات الشعوب المستضعفة حين تنتصر فرقها على منتخبات الدول الكبرى التي تعجز منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن لجم ظلمها واستغلالها للضعفاء من الدول والشعوب..
وأكبر دليل على ذلك ما نراه من جرائم قتل وإبادة جماعية تمارسها إسرائيل منذ 50 يومًا بحق شعب أعزل في غزة دون أن يتحرك المجتمع الدولي لوقف تلك المجازر غير الإنسانية ولولا صمود شعب فلسطين في غزة ما تراجعت إسرائيل قيد أنملة ولا أوقفت آلة التدمير والقتل والإبادة التي خلفت وراء نحو 15 ألف شهيد وأكثر من 35 ألف مصاب أكثرهم من الأطفال والنساء، ناهيك عن المفقودين الذين هم في عداد الشهداء.
حسم فيتوريا مع تراخي بعض اللاعبين وعدم اكتراثه بما قد يمارسه البعض من ابتزاز إعلامي أو ضغوط من الأندية الكبيرة هو درس بليغ أن النجاح له طريق واحد، هو الانضباط وتنفيذ الخطة بدقة وأمانة وجدية للوصول إلى الأهداف المنشودة.. وهو ما نتمنى أن نراه في كل مكان حولنا؛ في الأجهزة الحكومية، وفي الأسواق، وفي الشارع.. حتى نحقق النهضة المرجوة.. فهل نستلهم درس فيتوريا في كل مجال؟