حكاوي زمان، السر في القفا والحذاء.. أحمد رجب يكشف تأثير مهنة الرجل على علاقته بالمرأة
في كتابه كلام فارغ كتب الكاتب الصحفى أحمد رجب مقالا عن أثر المهنة على علاقة الرجل بمن حوله وخاصة المرأة، فكتب يقول: هل تنعكس مهنة الرجل على سلوكه العام، لقد لاحظت مصادفة أن حارس قفص القرود فى حديقة الحيوان يتمتع بحركات ضاحكة ومنتهى خفة الدم ولا ينقصه إلا أن ترمى له بالفول السودانى.. بينما كان حارس قفص الأسود وقورا مهيبا كملك الغابة شخصيا.
يبدو أن الحرفة تفرض طبيعتها دائمًا، فالحذاء هو أول ما يلفت نظر صانع الأحذية في شخصك بينما الحلاق يجتذبه القفا، أما الذى ينصرف عنك بشيء من خيبة الأمل إذا رآك فى صحة جيدة هو الطبيب أو الحانوتى..
فهل مهنة المرء تنعكس على علاقاته الإنسانية كالحب والزواج. إن المرأة مثلا قد ترتاح إلى الصحفى لأن مهنة البحث عن الأسرار توافق تماما نزعة المرأة إلى النميمة، فتعريف الهاتف مثلا امرأة على السماعة وامرأة أخرى على السماعة الثانية وامرأة ثالثة على السلك الموصل بين السماعتين.
وقد يكون الزواج من محام متعب جدا إذا عرفنا أن المرأة تمثل فى البيت سلطة اتهام مستمرة، وربما يكون المحاسب القانونى زوجا غير مرغوب فيه لانضباطه الحسابى بحكم المهنة وإسرافها هى فى المال بحكم العادة، والمحاسب ثبت أنه زوج سخى اليد فى الظاهر لكنه ينقلب بعد الزواج من محاسب قانونى إلى محاسب على عمره.
والرجل فى السلطة كالوزير مثلا ربما يكون متعبا فى التعامل معه لأنه اعتاد أن يصدر الأوامر والتوجيهات والذى لا شك فيه أن الحياة معه يمكن أن تكون مريحة لأنه يقول باستمرار كلاما مريحا ووعودا طيبة اسمها التصريحات، وثمة اعتقاد أن الطبيب مخيف لأنه يمسك المشرط ويمزق اللحم الإنسانى لكن الواقع المدهش أثبت أن الأطباء بعيدا عن السماعة والمشرط رومانسيون عاطفيون يظهر بينهم الشعراء والكتاب والموسيقيون.
وعلى عكس ذلك تتصور المرأة أن الحياة مع كاتب هى أيام متصلة من الكلام العسل الذى تشتهيه أى امرأة وهى لا تعرف أن عبارة الحب البراقة التى يكتبها الكاتب تكلفه انحناءة طويلة على المكتب وتمزيق ورق وشرب عشرين فنجان قهوة وكذا سيجارة..
وفى الحقيقة أن الكاتب يغلب عليه شرود الفكر، وقد رأت أم كلثوم لأول مرة توفيق الحكيم فى مكتب مصطفى أمين، ولما رأته صامتا شاردا ولم تصدق أنه صاحب الحوار الجذاب والفكر اللماح، فسألته فى دهشة: ولما أنت توفيق الحكيم أومال مين بيكتبلك؟ في النهاية يبدو أن المهنة لها أحيانا أثرها فى التصرفات العاطفية بشكل أو بآخر.