حكاوي زمان، مصطفى أمين يكشف ماذا حدث عندما أصبحت الشيكات أنفع من الدرجات العلمية
في مجلة الجيل عام 1958 كتب مصطفى أمين مجموعة أقوال هى بمنزلة حكم من تجربة طويلة يقدمها إلى قرائه قال فيها: هل نحن في عصر الفلوس؟! في الماضى كانت قيمة الإنسان بما في رأسه، فهل أصبحت قيمة الإنسان بما في جيبه؟ الدنيا تغيرت فأصبحت الشيكات أنفع من الدرجات العلمية، والرصيد في البنوك أكثر احتراما من المؤلفات والمجلدات والأبحاث والفلسفات.. لكن الذى لاشك فيه هو أن القلب عندما يمتلئ بالعاطفة، يكون أسعد ألف مرة من الجيب وهو ممتلئ بالأموال.
إنني بطبيعتي رأسمالي في أحزاني، أحتفظ بها كلها لنفسى، واشتراكى في سعادتى أوزعها على كل الناس.. أكثر الذين يجرون وراء المال يفقدون روحهم في الطريق، وما أتعس الذين يعيشون بلا روح.. الدنيا لا تفتح أبوابها للذين يعتمدون على آبائهم، وإنما تفتحها للذين يحفرون فى الصخر بأظفارهم..
يا ولدى لا تخف من بطش أحد، فالله أكبر من أي ظالم، ولا تيأس من رحمة الله فالله يمهل ولا يهمل، لا تظن أن فى قوة مخلوق أن يحطمك أو يقضى عليك، كل ما يفعله البشر مؤقت، وتجيء بعد ذلك إرادة الله فتنزع الجلاد من مقعده، وتعلقه فى المشنقة، وتفتح أبواب السجن وتودع فيه من أودع بريئا فى السجن.
يا ولدى لا تتوهم أن الشهادة التي تحملها هي نهاية العلم، بل هي بداية المعرفة، أن الفرق بين العالم والجاهل ليس في شهادة يحملها بل فى عدد الكتب التى قرأها.. يا ولدى لا تبحث عن الثروة السريعة فالذى يجيء بسرعة يذهب بسرعة، ولا تحلم بالمستحيل، بل اصنع المستحيل.. يا ولدي املأ قلبك بالإيمان، قلب مليء بالإيمان أغنى من خزائن البنك الأهلي..
كل محنة مرت بى ملأت كأسي الفارغة بالصبر والإيمان.. الموت نهاية الحب، والحب بداية الحياة، قلوبنا هى قبورنا، إذا تحركت بعثنا، وإذا توقفت دفنا فيها.. الحب يجعل الحياة حلوة، يجعل الزهور تتفتح، يجعل القلوب تصفو ويجعل الشمس تشرق، والذين لا يعرفون الحب لا يعرفون الهناء، مساكين هم أصحاب القلوب السوداء، والذى لا يعرف كيف يحب لا يعرف كيف ينجح فى الحياة، فلكي تنجح يجب أن تفهم الناس ولكى تفهم الناس يجب أن تحبهم.