التاريخ لن يرحم من تقاعس ومن فرط ومن سكت!
ما يجري في غزة من جرائم حرب كبرى تزهق أرواح الأطفال بلا رحمة يضع الإنسانية في امتحان كبير لضمائرها ومبادئها.. فالحرب لا تزال مستمرة.. وضحاياها للأسف من المدنيين الأبرياء الذين ساءت أحوالهم ولا يجد أطفالهم الخدج من ينقذهم..
ولا يجد ضحاياهم من يتولى دفنهم في مستشفى الشفاء المحاصر بدبابات الاحتلال بذرائع إسرائيلية واهية يطعن في صحتها، ما جرى من مناشدات فلسطينية للأمم الأمم بأن تبعث بلجان دولية للتأكد من صحة تلك المزاعم.. لكن بلا جدوى..
جرائم نتنياهو
الأمر الذي يجعل الرواية الإسرائيلية التي تتبناها الإدارة الأمريكية بلا تحقق ولا تثبت في انحياز أعمى لا ندرى إلى أين يصل بالمنطقة، التي باتت على شفا حرب إقليمية وربما عالمية.
لا يبدو في الأفق أن نتنياهو سيتوقف عن جرائمه؛ فمثل هذا التوقف سيدفع به حتمًا إلى السقوط السياسي، وإلى غياهب السجون بتهم عديدة أقلها الفساد وأكبرها توريط الاحتلال في حرب خاسرة، ومن ثم فهو يصر على أن يحارب حتى آخر جندي إسرائيلي لإنقاذ كرسيه المترنح!
شعبية نتنياهو تتراجع بصورة هائلة؛ ذلك أنها انخفضت لنحو 26% طبقا لصحيفة معاريف، بينما يطالب 52% من الإسرائيليين برحيله؛ لكن نتنياهو وعلى طريق نيرون يسعى لهدم المعبد على رءوس الجميع، ويخوض مغامرة مجنونة بدعوى القضاء على حماس!
ورغم استحالة القضاء على المقاومة في الأمد القريب فإن نتنياهو يعيش بين سندان الغضب العالمي المتصاعد في عواصم الغرب، والذي أطاح بوزيرة الداخلية البريطانية التي وصفت المظاهرات الداعمة لفلسطين بأنها تدعو للكراهية، وبين ضغط الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي يتصاعد غضبها مطالبة بإعادة الأسرى..
والسؤال: هل ستقوى إسرائيل على تحمل الخسائر الفادحة اليومية، سواء في أرواح الجنود والمعدات أو الخسائر الاقتصادية.. وهل ستتوقف الهجرة العكسية المتواصلة من إسرائيل؟!
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خاطب نتنياهو قائلًا: "أنت راحل، راحل".. كما أن وزراء في حكومة إسرائيل خرجوا بتصريحات تهاجم نتنياهو صراحة، مما دفع الأخير لمهاجمتهم علنا في خطابه قائلًا: "إذا كنتم لا تعرفون ولا تفهمون، فلا تتحدثوا واحذروا!
ناهيك عن أن سوء العلاقة بين نتنياهو ووزير دفاعه جالانت آخذ في التصاعد بشكل واضح وقد خرج ذلك إلى العلن. كما أن معظم الرأي العام والإعلام والقادة السابقين في إسرائيل يعارضون جنون الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة!
جرائم حرب
ورغم كل هذه الظروف التي تصب في صالح المقاومة لكن حركة الدول العربية والإسلامية شعوبًا وحكومات لا تزال دون المأمول؛ فلا ضغوط دبلوماسية تكف يد نتنياهو عن القتل والإبادة الجماعية لأهالى غزة، ولا حتى التلويح بأي ضغوط للإدارة الأمريكية الداعمة لإسرائيل عمال على بطال..
ويبقى الرهان على الضمير العالمي الذي تحرك بقوة رافضًا الإجرام الإسرائيلي.. حتى أن أحد كبار المحامين ومعه 300 محام دولى تحركوا بالفعل لمقاضاة إسرائيل على جرائمها أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولم نجد محاميًا عربيًا مرموقًا إلتحق بقافلة المتطوعين الدوليين للدفاع عن أهلنا في فلسطين..
صدقوني.. كلما تفاقمت الأحداث وسقط مزيد من الضحايا صار إمتحان الإنسانية كبيرًا.. فالتاريخ لن يرحم من تقاعس ومن فرط ومن تلهى عن محنة أهلنا في فلسطين!