محرقة القرن!
القضايا العادلة إذا وجدت بيئة إعلامية حاضنة وجادة وموضوعية فإنها تجد طريقها إلى قلوب الشعوب المحبة للعدل والسلام؛ ورغم شيوع السردية الإسرائيلية الظالمة والكاذبة بحق المقاومة الفلسطينية في الميديا الغربية مع اندلاع طوفان الأقصى والتي جرى تصويرها في صورة بربرية بشعة تقطع رقاب الأطفال.. لكن نور الحقيقة دائمًا أقوى من كل ظلام العالم؛ فسرعان ما عاد الإعلام الأمريكي أدراجه ليتعتذر عن مشاهد ملفقة ومعلومات كاذبة جرى نقلها دون تثبت ولا تحقق..
وشيئًا فشيئًا بات العالم يرى الحقائق الصادمة عيانًا بيانًا على الشاشات؛ فتلك إسرائيل ربيبة الغرب وأمريكا المتحضرة الراعي العالمي لحقوق الإنسان، تبيد الأطفال والنساء والمرضى بلا رحمة، وتصر على إخلاء مستشفيات غزة من المرضى بدعوى أنها مراكز تؤوي المقاومة وقادتها..
وحين قيل ل إسرائيل أن تبعث بمنظمات دولية لترى الوضع على الطبيعة رفضت وأصرت على استهداف تلك المستشفيات، حتى أخرجتها من الخدمة وآخرها مستشفى مجمع الشفاء الذي توقف اليوم عن الخدمة بعد نفاد الوقود والقصف الإسرائيلي المكثف..
ما بقى من مستشفيات غزة يعمل بأقل طاقة وما لم يخرج من الخدمة قسرًا وتفجيرًا نفد وقوده ومستلزماته الطبية وبات مرضاه ينتظرون الموت في كل لحظة.. دون أن ترق قلوب أمريكا وأشياعها من الغرب لهذا المشهد الدامي الذي أصروا على استمرار الحرب بدعوى أن من سيستفيد من وقف إطلاق النار هى المقاومة!
توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية
ما يحدث الآن في العالم من تحرك مشاعر الغضب الشعبي ضد إسرائيل وأعوانها يختبر صدق المبادئ الأخلاقية عند الشعوب، فالقادة والساسة لا تحركهم المشاعر بل المصالح ؛ لكن قضية فلسطين في رأيي قضية إنسانية تلامس عاطفة كل أصحاب المبادئ..
وقد رأينا على مواقع التواصل الاجتماعي كيف انتفض مشاهير ونجوم العالم دعمًا للقضية وتجديفًا ضد آلة الدعاية الصهيوينة الجبارة هنا وهناك.
أما نحن أمة العرب؛ أصحاب القضية، فلم تكن ردود أفعالنا حتى الآن بحجم وخطورة ما يجرى؛ فثمة مخطط لتهجير أهل غزة لا تخفيه الميديا الإسرائيلية، كما يجرى الحديث عنه في الكواليس الأمريكية دون مواربة..
وتلك كارثة تهدد بتصفية القضية المركزية للعرب لا قدر الله إذا لم تتحرك القمة العربية والإسلامية التي تنعقد اليوم في الرياض.. نريدها قمة بقرارات حاسمة تضع حدا لجرائم إسرائيل.
تنتظر شعوبنا من القمة العربية التي تأخرت كثيرًا ألا تكتفي بالإدانة اللفظية والشجب والاستنكار، وأن تتحرك بإجراءات ملموسة وسريعة للحفاظ على ما بقى من غزة وشعبها، وسرعة إدخال الوقود للمستشفيات ولو بمشاركة دولية، ومنع خطة التهجير وتصفية القضية، وفرض الحل الساسي الشامل والعادل وفق الثوابت العربية والمرجعيات الدولية..
كفانا قتلا وتدميرًا وإبادة جماعية.. أما مجتمعنا المدني ومنظماته الحقوقية فمطلوب منها أن تسارع لتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية وتتحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المجرمين الإسرائيليين.. صدقوني هذا أقل ما ينبغي فعله إن إردنا أن تنام عيوننا وفينا بقية من ضمير!