رئيس التحرير
عصام كامل

عسكرة الإعلام والضغط على القرار السياسي

لعل ذهاب الرئيس أمس لافتتاح عدة مشروعات صناعية عبر الفيديو كونفرنس، مع نخبة من كبار المستثمرين ورجال الأعمال، فضلا عن الوزراء ورئيس الحكومة ورئيس البنك المركزى، لعله في ظنى رسالة ذهاب إلى العمل، وخروج من حالة الشحن المفرط الجارية في وسائل الإعلام تفترس الملايين من المواطنين وتعبئهم بلا هوادة.


نعم شهر أكتوبر هو شهر الانتصار الأعظم في تاريخ العرب الحديث، وهو تميز هذا العام بتفاصيل وبحفاوة ردا على ادعاءات مواقع اسرائيلية جاهدت لسرقة النصر ونسبته إليهم، غير أننا وفي ذروة الاحتفال والاحتفاء شهدنا بعد يوم السادس من أكتوبر المصرى العربي، يوما فلسطينيا هو السابع من أكتوبر الفلسطيني، تلقت فيه اسرائيل لطمة عسكرية وأمنية واستخباراتية لا تزال تترنح منها..

 

كما لاتزال غزة تدفع الثمن الفادح الرهيب من دمار ودماء.. وهكذا إستمر أكتوبر المصرى وأكتوبر الفلسطيني متزامنين، وتحولت مشاعر ملايين المصريين إلى حالة حرب، كما خرج ملايين البشر من ذوى الضمائر الحية يحتجون علي حكومات بلادهم التى تدعم القاتل، وتعززه وتموله بالسلاح ليفتك بالأف الأطفال والشيوخ والنساء..


لاتزال الملايين تتابع ولا يزال الإعلام يتابع التغطيات الحية وهذا دوره، مع ملاحظة انحسار الاهتمام بالحرب الروسية الأوكرانية وصراع زيلنسكي وبوتين، كما انحسرت أنباء صراع البرهان وحمدتى في السودان، وبات الإعلام وأصبح تركيزه كله على غزو غزة..

دعونا نعمل في صمت


حالة الحشد والتثوير هذه شهدها جيلي في منتصف مايو تقريبا من عام 1967، وإرتفع مدها واندفاعها حتى بلغت ذروتها بهزيمة الخامس من يونيو من العام نفسه، التثوير الاعلامي المتدافع والتسخين المتواصل قطع علي القيادة السياسية أي خط رجعة للمراجعة والتريث، فانساقت تحت صغوط الإعلام الذي كان تحت سيطرتها، كما ساقها الإعلام الغربي سوقا بالمقابلات مع كبريات الصحف والاذاعات والمحطات العالمية..


المرة الوحيدة التى إنتبه فيها ناصر إلي ضرورة رفع الضغط الاعلامي عن الحياة اليومية للمصريين كانت بعد الهزيمة، إذ ألقى خطابا وقال إنه سأل من حوله عما فعلته بريطانيا بعد هزيمتها النكراء في موقعة دنكرك، فقال له العارفون أنها عاشت حياتها الطبيعية ودعت المواطنين لمواصلة حياتهم، وكان الهدف طبعا صرف حالة الالحاح الضافطة علي القيادة.. والقرار.


لماذا اقول كل هذا؟ أقوله لأن حالة التعبئة الاعلامية الجارية تمثل توريطا للذهنية السياسية التى تقود البلاد وسط حسابات حرجة وبالغة الدقة، وكان الله في عون القيادة السياسية حقا، فهى بين نيران عدة، الانتماء العربي، والمواءمات الدولية، وحسابات القوة العاشمة، وتراجع الضمير الغربى، أو انكشافه عن عورة اخلاقية مشينة..


من أجل هذا أتصور أن يتابع الإعلام بالطبع ما يحدث على حدودنا الشمالية الشرقية، لكن مصر مع جاهزيتها ومع قوتها تعلم أن الحرب تقع فقط حين تتعرض مصر للمساس..

 


لن تذهب مصر إلى الحرب طواعية، لأن دورها رشيد وقوتها لها ولحدودها، وعلى أساتذة السوشيال ميديا من جنرالات التخطيط والإدارة أن يكفوا عن تحميل الادارة المصرية بأفكارهم وانفعالاتهم..
عيشوا حياتكم، ودعونا نعمل في صمت.. تلك هي رسالة الرئيس، وهي بالمناسبة كانت رسالة المنتصر البطل الشهيد أنور السادات.
الضجيج الاعلامى يخلق أوهاما بالقوة لا داعي لها..
ونتابع..

الجريدة الرسمية