رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

أيها المطربون تعاطفكم وحده مع أبطال الأقصى ليس كافيًا!

رغم مرور نحو 10 أيام على عملية طوفان الأقصى الباسلة  ضد إسرائيل والتي تتزامن بالمصادفة مع الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر العظيم  والتي كبدته خسائر في الأرواح لم تحدث منذ ذلك النصر المجيد، ورغم التعاطف الكبير والتأييد الواسع من جموع الفنانين العرب لهذه العملية وأبطالها الأبرار، إلا أن هذا الدعم اللامحدود لم يترجم حتى الآن بصورة عملية وحقيقية خاصةً على مستوى الاغنية.. 

 

من خلال إطلاق أغاني حماسية تناصر وتدعم أبطال طوفان الأقصى في حربهم غير المتكافئة مع دولة الاحتلال، وذلك على خلاف ما حدث من جموع المطربين المصريين والعرب منذ اندلاع حرب أكتوبر العظيمة ضد اسرائيل عام 1973، حيث شهدت استوديوهات التسجيلات بالإذاعة المصرية ازدحامًا شديدًا من المطربين من مصر ومن دول عربية عديدة ومن الملحنين والشعراء والموسيقيين الكل يرغب في المشاركة بالغناء دعمًا لأبطالنا البواسل في حربهم الشريفة..

 

لدرجة أنه تم تسجيل أكثر من 40 أغنية وطنية في الفترة من 10 إلى 30 أكتوبر! كما يقول أحد المسؤولين بالإذاعة آنذاك!، وكانت كلها تطوعية بلا أجر بل وتكفل المطربون بدفع أجور الموسيقيين أيضًا، وكان أول من تصدر هؤلاء الفنانين الموسيقار بليغ حمدي وزوجته المطربة الكبيرة وردة الجزائرية، فكانت أغنية على الربابة للشاعر عبد الرحيم منصور، ثم نشيد الله أكبر باسم الله غناء المجموعة، فأغنية عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة للرائعة شادية، وتدفقت الأغنيات من مصر والوطن العربي عن نصر أكتوبر لتصل لأكثر من 90 أغنية!


تراجع الاهتمام


وهكذا كان دومًا دور الفن في مناصرة قضايا الوطن الكبرى.. معاركه.. انتصاراته وانكساراته، تفاعلًا وتأييدًا ودعمًا في كل وقت وحين، ولكن هذا الدور بدا متراجعًا منذ سنوات طويلة بفعل عوامل كثيرة ومتشعبة ومتباينة لا يتسع المقال لها الآن لاسيما في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، التي من المفترض أنها قضية العرب الأولى.. 

 

وهو ما جاء نتيجة تراجع الاهتمام بالقضية كثيرًا أيضًا على المستوى السياسي العربي الرسمي وبالتالي الشعبي وبالتبعية الفني سواء سينما ودراما أو أغاني، وهو ما وضح وتأكد مع عملية طوفان الأقصى التي لم يكن حجم التفاعل معها على مستوى الأغنية بالقدر المطلوب حتى الآن..

 

فلم نجد سوى 3 أغنيات جديدة تفاعلت مع هذه العملية حتى اللحظة وليست لنجوم الصف الأول من المطربين!. من هذه الأغنيات أغنية غصن الزيتون لأحمد سعد، كلمات حسام طنطاوي وألحان محمدي وتوزيع طارق الحلو..

 

وتقول: غصن الزيتون بدل مايغطينا  دا متغطي دم
الطفل شايل لعبته وفي قلبه شايل الهم 
داير بيكتب على الحيطان أرضي الأهم 
والأقصى نادى وصوته فيه نبرة ألم
ومابين شهيد ومابين جريح بكى محمد والمسيح
القدس راجعة لأهلها بنقولها بالعربي الفصيح


والمطربة الأردنية ديانا كرازون أصدرت أغنية على السوشيال ميديا بعنوان الشعب البطل يقول 
مطلعها: أنا وقت الجد وعند الرد طوفان ومد.. فلسطيني من فوق الأرض وتحت الأرض.
كما قدم المطربون الشعبيون حمو بيكا وعلى قدورة ونور التوت أغنية اسمها نفديكي يا فلسطين.
ولكن أين كبار مطربينا الذين طالما غنوا لفلسطين أمثال محمد منير وعلي الحجار ولطيفة وهاني شاكر وكاظم الساهر وغيرهم، لعل المانع حتى الآن خير؟!

 

من عبد الوهاب لمنير


ما بين فلسطين والأغنية تاريخ طويل يمتد ويتواكب مع نكبة 1948 وحتى قبل  قيام دولة اسرائيل على الأراضي الفلسطينة مع صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وذلك من خلال عشرات الأغاني التي تفاعلت مع هذا الحدث الجلل وعبرت عنه وناصرت الشعب العربي المنكوب، لرموز الغناء العربي..

 

والتي كان أولها المطربة الصغيرة اللبنانية وقتها  نجاح سلام بأغنية مطلعها: هبت ملوك العرب.. تفدي الحرم والروح، يا مجلس الأمن روح أمن نفسك روح، فلسطين ملك العرب، وقبل قيام اسرائيل أيضًا وفي أعقاب مذبحة دير ياسين التي فجرت براكين الغضب العربي غنى عبد الوهاب رائعته فلسطين للشاعر علي محمود طه التي يدعو فيها العرب للنضال، وغنت سعاد محمد أغنية يا مجاهد في سبيل الله. 


وشهدت الأغاني المناصرة لفلسطين زخمًا وتطورًا أكثر بعد حركة يوليو 1952 والعدوان الثلاثي 1956، حيث غنت فايدة كامل أنشودة البركان العربي الهادي جالوا وقت وثأر، ومحمد قنديل غنى غزة احنا فداها أرض العزة.. واستمر هذا الزخم في الغناء لفلسطين في فترة الأحداث والتحولات السياسية الكبري في الستينيات، بأغاني لفريد الأطرش مثل المارد العربي، ثورة فلسطين..

 

كما غنت وردة ثلاثة أخوة من دير ياسين، وكذلك غنت فايدة كامل صوت الجماهير، وبعد هزيمة 1967 وتصاعد الأعمال الفدائية ضد المحتلين تصاعدت وتيرة الأغاني وكان من أبرزها أصبح عندي الآن بندقية لنزار قباني وأم كلثوم، وفدائي لعبد الحليم، كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي، وسيد مكاوي الأرض بتتكلم عربي، ألحانه وكلمات فؤاد حداد.


ومن أكثر الفنانين إنتاجًا للأغاني المناصرة للقضية الفلسطينة في كل مراحلها العظيمة فيروز بصحبة الرحبانية عبر أكثر من 20 أغنية منها.. غاب نهار آخر، القدس العتيقة، زهرة المدائن، راجعون، سنرجع يوما.


وفي أواخر الثمانينيات ألهمت انتفاضة أطفال الحجارة الأولى  صناع الأغنية فكانت أغاني مثل.. أطفال الحجارة لمحمد رشدي، فلسطيني لعلي الحجار، وين الملايين لجوليا بطرس.


ورغم تراجع الاهتمام بأغاني فلسطين في حقبة التسعينيات بفعل ظهور الأغنية الشبابية وجيل حميد الشاعري إلا أن هذا لم يمنع من وجود عدد من الأغاني الداعمة لفلسطين منها.. الإنسان غناء لطيفة وكاظم الساهر وكلمات نزار قباني، إدن يا بلال، يا الأقصى يا الجنة لإيمان البحر درويش، هز هلالك يا صلاح الدين، عم بطاطا لعلي الحجار.


مع بداية الألفية الجديدة واندلاع الانتفاضة الثانية ظهرت أغنيات مثل.. عربية يا فلسطين لآمال ماهر، الأقصى نادى لمحمد فؤاد، أبواب القدس لهاني شاكر، أولى القبلتين لأصالة، القدس أرضنا لعمرو دياب، ترابك فلسطين لتامر حسني، أوبريت القدس هترجع لنا بمشاركة 28 فنانًا مصريًا، كلمات مدحت العدل وألحان رياض الهمشري.

 


ومن الأعمال الغنائية المهمة أيضًا التي قدمت عن فلسطين.. أوبريت في طريقك يا فلسطين كلمات مدحت العدل وألحان صلاح الشرنوبي وغناء مجموعة من المطربين المصريين والعرب منهم.. إيهاب توفيق، شذى حسون، ديانا كرازون، أحمد سعد، أوبريت فلسطين كلمات مصطفى كامل وألحان حسن أباظة وغناء هاني شاكر ومجد القاسم وإيهاب توفيق وسمية.
ومازلنا في انتظار مزيد من الأغاني دعمًا لأبطال الأقصى، فيا أيها المطربون العرب تعاطفكم وحده ليس كافيًا!

الجريدة الرسمية