كريم عبد العزيز لم يرتكب ذنبًا أو إثمًا!
لا شك أن الفن والفنانين من أهم أدوات وعناصر القوة الناعمة التي كانت ومازالت تلعب دورًا حيويًا في التأثير على اتجاهات الرأي العام داخليًا وخارجيًا وإن كان هذا الدور قد شهد تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بفعل التراجع في معظم مجالات الحياة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا وفنيًا، ولكن مازال هذا الدور مطلوبًا ومؤثرًا خاصةً في القضايا الكبرى والقومية والمهمة التي تتعلق بالوطن حاضره ومستقبله.
القوة الناعمة أو Soft Power هو مصطلح ومفهوم صاغه الباحث الأمريكي بجامعة هارفارد العريقة جوزيف ناي عام 2004 في كتاب بعنوان: القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية، ويعني به القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع، وزاد استخدام هذا المصطلح كثيرًا بعد ذلك للتأثير على الرأي العام وتغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبيًا والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية.
خطية كريم
لم يرتكب النجم كريم عبد العزيز خطية أو يقترف ذنبًا كبيرًا أو أتى شيئًا إمرًا لم يسبقه إليه أحد من قبل، عندما أعلن في فيديو مصور له تأييده لترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات المزمع إجراؤها في ديسمبر المقبل بحول الله، حتى تنهال عليه الانتقادات والهجمات عبر السوشيال ميديا ومن كل صوب وحدب تتهمه بأفظع الاتهامات وتكيل له السباب بشكل غير مقبول تمامًا، بل تختلق صورة بالذكاء الاصطناعي تصوره وهو يعلن تأييده للسيسي مكبلًا من يديه!
وبعيدًا عن الاختلاف أو الاتفاق على تأييد المرشح فإن كريم عبد العزيز يمتلك كامل الحرية كمواطن مصري شريف في تأييد أو عدم تأييد من يراه من وجهة نظره الخاصة، التي لا دخل لأحد فيها على الإطلاق، فقد تكون هذه هي قناعاته الشخصية المحضة وهو حر في ذلك وقد تكون تكليف يراه تشريفًا من السلطة لاستخدام واحد من أهم النجوم المؤثرين في الجماهير ضمن عناصر ومكونات القوة الناعمة وهذا حقه ولا عيب!
ولكن لماذا الحملة الشرسة ضد كريم عبد العزيز دون غيره من كبار الفنانين الذين أعلنوا أيضًا تزكيتهم لترشح السيسي؟ أمثال النجم الكبير حسين فهمي وأمير الغناء هاني شاكر ونقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي وأحمد عز ونيللي كريم وخالد زكي وعلي الحجار وغيرهم، هل لأن كريم صار النجم الأول على الساحة حاليًا وتضاعفت شعبيته بصورة لافتة بعدما حصدت أفلامه أعلى إيرادات في تاريخ السينما أم هناك أسباب أخرى غير معلومة حتى الآن؟
صاحبة العصمة وصوت الثورة
لم يكن كريم عبد العزيز أول فنان يعبر عن انحيازه وتأييده لرئيس أو حاكم، فقد سبقه الكثيرون على مر العصور وتوالي الحكام، بل أن بعض الفنانين قاموا بمدح وتأييد وموالاة حاكم بعد الآخر بنفس القوة عملًا بالمبدأ القائل عاش الملك مات الملك! ولم يتعرضوا لمثل هذه الهجمات الشرسة آلتي أزكتها السوشيال الميديا التي لم تكن معروفة فيما سبق.
فعلى سبيل المثال لا الحصر كوكب الشرق أم كلثوم غنت للملك فؤاد في قصيدة حفظ الهوى في حفل عام: ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا، وللملك فاروق مجموعة أغاني أطلق عليها فاروقيات حتى أنعم عليها بلقب صاحبة العصمة ومنحها وسامًا لا تناله إلا الأميرات فقط! عندما ارتجلت كلمات في أغنيتها الشهيرة ياليلة العيد قائلة: يعيش فاروق ويتهنى ونحيي له ليلة العيد أثناء حفل ليلة عيد الفطر بالنادي الأهلي عام 1944.
وبعد قيام حركة يوليو 1952 كان هناك اتجاه لإبعاد كل من كان له صلة بالعهد الملكي وعلى رأس هؤلاء أم كلثوم، ولكن رفض جمال عبد الناصر ذلك فغنت له عدة أغنيات منها.. يا جمال يا مثال الوطنية، حبيب الشعب يوم إعلانه التنحي عقب هزيمة يونيو 1967 وفيها تقول: ابق فأنت الأمل.. أنت الناصر والمنصور.. أنت حبيب الشعب!
والعندليب عبد الحليم حافظ لقب بمطرب الثورة لقربه من عبد الناصر ولكثرة أغانيه له مثل ناصر يا حرية، صورة، حكاية شعب، كما غنى للسادات أيضًا عاش اللي قال، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب كان يسمى مطرب الملوك والأمراء لأنه غنى لكثير منهم من الملك فؤاد ثم فاروق فعبد الناصر حيث غنى له نحو 10 أغنيات منها.. جمال النور والحرية، نسمة الحرية، ناصر كلنا بنحبك.
وتواصلت مسيرة الفنانين والمطربين في الغناء وتأييد الرؤساء في عهد مبارك بمجموعة من الأغنيات مثل اخترناك لعدد من المطربين منهم محمد الحلو وسمير الاسكندراني، لطيفة، نادية مصطفى، هدى عمار، والفنان محمد ثروت وصفه البعض بمطرب السلطة لقربه من مبارك وغنائه أغنية مصريتنا أمامه وهو بالبدلة العسكرية، نعم لمدحت صالح ونادية مصطفى، وغنى عمرو دياب لمبارك واحد مننا، وشيرين غنت له ريسنا وبلدي.
وأخيرًا تغنى عدد من المطربين بأغنيات تأييدًا ودعمًا للرئيس السيسي منذ ظهوره في ثورة يونيو 2013 منهم حسين الجسمي في أغنيته الشهيرة بشرة خير، ومساء الخير بمشاركة مجموعة من الفنانين منهم روجينا، أشرف زكي، هاني رمزي، رانيا يوسف، مجدي كامل، نشوى مصطفى، رامي صبري بأغنية ابن بلدي، تامر عاشور عشان بكرة، كذلك غنى له محمد فؤاد وعمرو مصطفى وغيرهما، وأتوقع ظهور مجموعة من الأغنيات والأوبريتات في الفترة المقبلة بمشاركة العديد من المطربين والممثلين دعمًا وتأييدًا للرئيس السيسي.