لا نتعلم!
طوفان الأقصى، ومن قبله عبور أكتوبر 1973 يعطينا درسًا بليغًا أننا أمة لا تنقصها مقومات القوة لكنها فرطت فيها بفعل فاعل؛ فهل ينكر أحدٌ أننا نملك موارد بشرية وطبيعية هائلة، مخزونًا كبيرًا من احتياطيات البترول والغاز الطبيعي في دول عديدة جرى استخدامه كورقة ضغط أثناء حرب أكتوبر ونجحنا في إرغام الغرب على الرضوخ لإرادة أصحاب الحق، ولدينا أراضٍ زراعية تكفي في السودان وحدها لإطعام العرب كافة..
ومن ثم فإنني على قناعة بأننا أمة العرب فرطنا في مقومات القوة وفي الوحدة والتآزر والتكاتف والتكامل، وبات كل بلد في طريق مدفوعًا بمصالح ضيقة ربما ارتضى لنفسه أن يتماهى مع المشروع الصهيوأمريكي على حساب المشروع القومي العربي، الذي كان بإمكانه أن ينقل بلادنا لمصاف القوى العظمى لو صدقت النيات وخلصت النوايا وامتنعت الأنانية.
درس السابع من أكتوبر
لقد أغرى الضعف العربي كل قوى الاستعمار والنهب أن تتداعى على أمتنا؛ حتى جاءنا الدرس القوى من المقاومة الفلسطينية التي شلت أركان الجيش الذي لا يقهر وأذلت الغطرسة الإسرائيلية وأوقفت قطار التطبيع، ومشروعات خبيثة أريد بها السحب من الرصيد المصري والقفز على دورها التاريخي.
ولست أعجب مما تعيشه أمتنا من تردٍ وانحطاط حتى بات مصيرها في أيدي غيرها؛ فأمة إقرأ لا تقرأ، ولا تعمل، ولا تغار على تاريخها وعراقتها التي حكمت العالم كله يومًا بعدما دانت لها الدنيا كلها وهزمت أعتى قوى زمانها؛ الفرس والروم..
لكن هذا التاريخ الناصع لم يعد يدرسه أطفالنا في مدارسهم، وصارت قدوتهم فنانين ومطربين وليس العلماء ولا القادة التاريخيين العظام أمثال صلاح الدين الأيوبي هازم الصليبيين ولا قطز هازم التتار، بل صار قدوتهم نمبر وان ومسلسلات العنف والعري والانحطاط وأغاني المهرجانات التي تشوه الذوق وتفسد الوجدان.. وللأسف تتسابق دولنا على الاحتفاء بهؤلاء المسخ المشوه كقدوة لأجيالنا الجديدة.
لقد كنا أمة ملء السمع والبصر؛ ملكت الدنيا بالعلم ومكارم الأخلاق، ولم تزل مكامن القوة راسخة في تلك الأمة تخرج في أوقات عصيبة لتثبت أنها تمرض لكنها لا تموت، والدليل ما سطره أبطالنا في 6 أكتوبر 1973، وفي 7 أكتوبر 2023 رغم الفارق الزمنى بين الحدثين الأعظمين اللذين يقدمان الدليل على أننا نملك القوة لكننا لا نحسن توظفها؛ فلدينا عناصر بشرية هائلة قادرة على صنع المستحيل؛ ولدينا ثروات طبيعية غير محدودة لكننا لا نثق في قدراتنا ونؤثر السلامة والسكينة..
ولو أننا تمسكنا بالأمل والوحدة والتكامل لأصبح لأمة العرب شأن غير الشأن ومكانة عير المكانة لكنها الإرادة الغائبة والمطامع التي أذلت أعناق الرجال.. فماذا ننتظر بعد درس السابع من أكتوبر الذي يقول لنا باختصار إنه لا مستحيل مع قوة الإرادة والإصرار.. فمتى يتعلم العرب من دروس التاريخ والعصر؟! ومتى تفيق أمة العرب والإسلام.. أمة المليار؟!