لم تسجل حالة سرقة واحدة أثناء حرب أكتوبر!
مع كل ذكرى جديدة لنصر أكتوبر يثور سؤال مهم: أين ذهبت روح أكتوبر التي حققنا بها أعظم انتصار عسكري في العصر الحديث؛ ورغم ذلك يأتي احتفالنا بهذا النصر تقليديا ، بمشاهدة أعمال فنية وخطب سياسية اعتدناها حتى حفظناها؛ وهي أعمال جيدة توثق جانبا من ذلك الحدث العظيم لكنها للأسف أغفلت جوانب لا تقل عظمة وإبهارا عما جرى توثيقه..
وقبل أن أترك هذه النقطة تحديدًا أود أن أسجل جملة أمور أراها مهمة في هذا السياق.. أولى الملاحظات وربما المآخذ أننا خذلنا نصر أكتوبر تاريخيًا وفنيًا؛ فلم ننتج عملًا فنيًا؛ سينمائيًا كان أو دراميًا ولا حتى تسجيليًا يليق بعظمة هذا الحدث الفذ المعجز الذي أبهر الأعداء والأصدقاء..
ودفعهم لتسجيل شهادات أغفلناها سنوات وسنوات حتى طواها النسيان على الأقل في ذاكرة أجيال جديدة لم تعش مرارة الهزيمة وآلامها، ولم تذق حلاوة النصر ومباهجه، وهى شهادات جديرة بأن تخلق صحوة في الضمائر وهمة في المزاج العام تستلهم خطى الأبطال وتسترشد بعظمتهم في تجاوز ما نواجهه من تحديات جسام ربما تفوق ما عاشته مصر غداة نكسة يونيو 67.
والسؤال: ما أهم أسباب تجاوز المصريين للحاجز النفسي الذي خلقته تلك النكسة وصولًا لقمة الإعجاز البشري بتحويل الهزيمة لانتصار ما بعده انتصار؟!
رأيي أن السبب الأهم يكمن في وحدة الصف على قلب رجل واحد؛ رفضنا الاستسلام للنكسة وتعايشنا مع تداعياتها المرة بإيمان ويقين بأن النصر قادم لا محالة؛ ذلك أن روح المصريين لم تفرٍّط (بتشديد الراء) في الأمل بل تمسكوا بما هو أبعد من استرداد الأرض..
وقف المصريون قبل وأثناء الإعداد للحرب وفي الساعات الحاسمة للمعركة الكبرى، صفًا واحدًا خلف جيشهم وقيادتهم؛ حتى أن أقسام الشرطة لم تسجل أيامها حالة سرقة واحدة وهو ما يعكس حالة توحد مع الوطن وانشغال به والتفافً غير مسبوق حول رايته وانتماء بلا حدود لترابه.. وللحديث بقية.