توبة السياسي!
أعرف أن باب التوبة مفتوح دينيا أمام البشر، حتى ولو كرروا الأخطاء والخطايا.. لكننى مع ذلك لا أثق كثيرا في صدق التوبة السياسية.. فأنا عندما أتناول بالكتابة والتعليق ما يقول به سياسى من آراء وما يتخذه من مواقف لا أقدر أو أستطيع أن أغفل تاريخه ومواقفه السابقة التى تبناها أو تصرفاته الماضية وسلوكه القديم.
مثلا.. كيف أستطيع أن أتجاهل تورط سياسى في قضايا فساد أدين فيها وأنا أسمع منه كلاما جميلا وطيبا عن حقوق الإنسان وعن حاجة البلاد لتغيير سياسى ينقذها من أزمتها الاقتصادية والسياسية؟!
ومثلا أيضا.. كيف أقدر على تجاهل تورط سياسى في قبول مال سياسى من الخارج سرا وأنا أسمعه يشدو بحديث عن الانتخابات النزيهة والتى تتوفر فيها ضمانات الحياد من قبل أجهزة السلطة التنفيذية؟!
كذلك مثلا.. كيف أستطيع أن أتجاهل سكوت وصمت سياسى على ما ارتكبه الإخوان من جرائم في حق أبناء هذا الشعب، وهو يروج لحلم الدولة المدنية الحديثة التى هى نقيض دولة الخلافة التى هى هدف الجماعة؟!
أشارككم القول أننى لا أستطيع ولا أقدر على تجاهل التاريخ وأنا أقيم ما أسمعه من بعض السياسيين.. بل يجب ألا أتجاهل التاريخ بالمرة.. ليس فقط لقناعتي بأن من شب على شىء شاب عليه، وإنما لأننى أؤمن بأن الأخلاق لا تتجزأ.
والسياسى الذى احترمه هو السياسى الذى تحتاجه بلدنا فعلا هو الذى يقول ما يفعله، ويلزم نفسه به فعلا.. وهو الذى له تاريخ يتسق مع حاضره ولا يتناقض معه، هذا هو السياسى الذى أصدقه واحترمه وأرحب به، رغم أننى بحكم دراستى للعلوم السياسية أعرف أنه عملة نادرة!