مواطنون.. ونخبة!
ما يشغل جموع المواطنين ليس هو ما يشغل النخبة المصرية حاليا.. النخبة مشغولة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما الشغل الشاغل لجموع المواطنين هو الغلاء الذى هجم عليهم بقسوة هذا العام والتهم الكثير من دخولهم الحقيقية ودفع بالبعض منهم للسقوط تحت خط الفقر.. لذلك هناك تباين وتباعد بين جموع المواطنين والنخبة التى لا تهتم بهم بسبب الغلاء إلا أن هذا من منظور استثمار ضيق المواطنين منه.
وبسبب هذا التباعد تخرج من النخبة اقتراحات غريبة الآن، ربما أغربها الحديث عن الحاجة لمرحلة انتقالية جديدة، وكأننا لم نكتف من المراحل الانتقالية منذ تنحى مبارك.. وهو في تقديرى اقتراح يعبر بوضوح عن عجز النخبة عن تحقيق ما تطالب به من تغيير سياسى، وسبب هذا العجز أنها لا بعيدة عن جموع المواطنين، وتلك هى الأزمة الحقيقيةَ للنخبة التى يتعين عليها أن تعترف بها وتعالجها بنفسها ولا تنتظر أن يساعدها أحد في ذلك بالطبع.
أما المواطنون فهم تلقفوا باهتمام بالغ قرارات الرئيس السيسي الأخيرة بزيادة الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور وزيادة حد الإعفاء الضريبى وزيادة المعاشات، لأنهم يعانون بشدة من الغلاء، الذى تسبب في تخفيض مستوى معيشتهم خلال السنة الأخيرة..
وهم أيضا يتطلعون إلى أن ينحسر هذا الغلاء وبتراجع نهائيا في أسرع وقت ويريدون أن يجدوا من يطمأنهم أن ذلك سيكون قريبا لآن معاناتهم طالت وقدرتهم على التحمل ضعفت، ولذلك سوف ينصتون لكل من يحدثهم عن معاناتهم ويعدهم بأن يضع لها نهاية قريبة، ولكنهم لن يصدقوا إلا ما يحدث على أرض الواقع.. أى هم يحتاجون أفعالا تخفف وطأة الغلاء لا أقوالا ووعودا بذلك.