الرأي العام ما بين الزعامة الملهمة وتعدد الأحزاب
يعتبر الزعماء والقادة من العناصر المهمة التى تدخل فى تكوين الرأي العام، وخاصة فى بلدان العالم الثالث نظرا للمستوى المتواضع من الوعى الثقافى والحضارى، ومنها هنا نجد العالم الألمانى ماكس ويبر يعتبر الزعامة الملهمة مصدرا من مصادر الشرعية، لأنها تكون مصدر حب وإعجاب شديدين من قبل أفراد الجماعة، كما أنها تكون مصدر جذب وهيبة واحترام مما يكون له أثر فى تكوين الرأي العام..
الزعامة الملهمة ترجمة عربية لمصطلح الكاريزما ينصرف مدلولها إلى الشخصية القيادية التى تتمتع بجاذبية جماهيرية هائلة وبسطوة عاطفية كبيرة، وهى من هذا المنطلق لا تقبل من حيث المبدأ أن يحاسبها أحد لاعتقادها بأنها تجسد روح الشعب، تنطلق باسمه وتعبر عن آماله وطموحه..
وحتى تكون للزعامة والقيادة والملكة على التأثير فى الرأى العام فلا بد أن يتمتع القائد أو الزعيم بقوة الإرادة والنزاهة والشجاعة الأدبية والحسم فى الأمور والثقافة والصراحة، وأن يكون قادرا على تفهم نفسية الجماهير وبعيدا عن الظلم ومواطن الشبهات ويحترم اتجاهات الرأي العام، وأن يكون فعالا وليس قوالا..
إذا اتسم الزعيم أو القائد بتلك الصفات فإنه سوف يكون عاملا مهما من عوامل تكوين الرأي العام تكوينا محمودا، أما إذا لم يتحل بتلك الصفات فإن تأثيره فى الرأى العام سوف يكون تأثيرًا سلبيا، وهنا يكمن الفرق بين الزعيم السياسى والقائد الدهمائى، وأيا كان الأمر فإن تلك الصفات يبهت بريقها وتتوارى آثارها فى حالة ما إذا كانت القيادة فى الدولة قيادة جماعية.
أيضًا تعد الأحزاب السياسية وجماعات الضغط من أهم العوامل وأكثرها تأثيرًا فى توجيه الرأي العام ولكن هناك رؤى فكرية ذهبت إلى التشكيك في سلامة نظام تعدد الأحزاب أيا كانت صورته في شعوب الوطن العربى بحجة أنها لم تصل بعد إلى مرحلة الرشد السياسى..
على العموم نظام الأحزاب السياسية يخلق رأيا عاما مسالما لما يقتضيه منطقه من وجود معارضة علنية تتجه صوب مناقشة سياسة الحكومة وما قد تؤدى المناقشات من تبلور الآراء للحاكم والمحكوم نحو إيجاد أرضية مشتركة بالنسبة للقضايا الكبرى.. ويظل السؤال مطروحا: هل هناك معارضة حقيقية فى بلدان الوطن العربى أم أنها حبر على ورق؟!