شهادة للتاريخ.. وليس لسمير رجب!
رغم أن الجمهورية جريدة نشأت في أحضان الثورة وأريد لها أن تكون صوتها ومنبرها والمدافع عن توجهاتها وأفكارها في وجه خصومها وكانت كذلك بالفعل.. لكنها لم تغفل قارئها بل حققت المعادلة الصعبة؛ فانحازت للشعب وانتصرت لقضاياه وانشغلت بهمومه وأتراحه وأفراحه فأحبها القاريء وأقبل عليها ورفع توزيعها لأرقام غير مسبوقة وكنت واحدا من شهود نهضتها على أيدي صحفيين عظام يتقدمهم الكاتب الكبير محسن محمد والكاتب الصحفي سمير رجب.
الجمهورية حفلت منذ نشأتها بقامات سياسية وصحفية كبيرة ملأت الفضاء العام وعيا وثقافة وآراء حرة من كل الاتجاهات والمشارب الفكرية والسياسية فوجد فيها القاريء ضالته المنشودة بحسبانها مرآة صادقة لحياته وما يحبه ويرضاه ويزجي فراغه ويشبع لذته المعرفية وفضوله ويلبي احتياجاته العقلية والنفسية وشغفه بكل جديد ومثير.
لاشك أن نجاح الجمهورية ومن بعدها المساء لم ينشأ من فراغ بل كان نتاج جهد ومعاناة كوكبة صحفية كان ألمعها وأكثرها عطاء في رأيي سمير رجب ذلك الصحفي الذي يفيض موهبة وعشقا لصاحبة الجلالة وقدرة على صناعة النجاح وتحفيز من حوله ليكونوا على مستوى الحدث والمسئولية.
صاحبة الجلالة
الجمهورية كانت صحيفة محظوظة منذ نشأتها فقد عمل تحت سقفها وكتب على صفحاتها قامات سياسية وثقافية وأدبية؛ أذكر منهم الرئيس الراحل أنور السادات وعميد الأدب العربي د.طه حسين وجلال الدين الحمامصي الذي أدين له بفضل عظيم لا أنساه ما حييت كما لا أنسى شخصيات أخرى بارزة تركت بصماتها في جريدتنا العريقة وفي حياتى وأفكاري..
لكن سيظل محسن محمد وسمير رجب أبرز من أسهموا في نهضتها وتحولاتها الكبرى.. وقد كان سمير رجب أكثر من عملت معهم وشهدت مؤسستنا العريقة دار التحرير على يديه طريقها للمنافسة الصحفية القوية وربما حققت مكانتها وهيبتها وقدرتها على التأثير في المشهد السياسي على وجه الخصوص؛ وهو ما جعل ما تنشره محل اهتمام واستجابة فورية من المسئولين كبارا وصغارا..
والحق أني لم أكن أجد أدنى صعوبة في الوصول للمعلومات من مصادرها والاتصال بالوزراء وإجراء حوارات صحفية معهم متى شئت بخلاف ما يحدث الآن.. مثل هذا التأثير لم يكن إلا نتاج هيبة وقوة صنعها سمير رجب لمؤسستنا، فقد كان لكبسولاته الأسبوعية صداها المدوى، ولا أبالغ إذا قلت إنها كانت مؤشرًا لا يخطيء وبوصلة تعرف من خلالها من سيبقى من الوزراء والمسئولين في موقعه ومن سيرحل..
وهذه كانت فراسة سمير رجب وقوة تأثيره ليس في الشارع الصحفي فحسب بل في الشارع السياسي وتلك ظاهرة تحتاج لدراسة بالفعل لتعرف الأجيال الجديدة كيف كانت الصحافة صاحبة جلالة وليس مجرد بيانات ومانشيتات تكاد تتشابه لفظًا ومعنى.. هذه شهادة للتاريخ وليس لسمير رجب متعه الله بالصحة والعافية.