نصف قرن على انتصار أكتوبر العظيم! (2)
أسابيع ويكون عمر الانتصار العظيم نصف قرن، الانتصار الذى أعاد لمصر والعرب كرامتهم المهدرة في حرب يونيه 67، الانتصار الذى يجب أن يحتل صدارة الاهتمام من الدولة بجميع عناصرها، مرور النصف قرن فرصة ذهبية للدراسة والتعلم من الانتصار، فرصة ذهبية لكى يعرف شبابنا تاريخهم وبطولات أبناء النيل الأفذاذ.
لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة بين جيشيين في الجبهة، عبر إحدهما قناة السويس، وفشل الآخر في منعه، ودارت معارك بالدبابات والطيران ثم توقف القتال، الأمر كان أبعد بكثير في كافة المراكز البحثية الصهيونية، وكان له توابع عنيفة للأسف لم يرصدها العرب أو يهتمون بها.
كان دائما العدو الصهيونى يرى أن العرب لن تقوم لهم قائمة بعد نكسة يونية 67، وأنهم شعب بلا فائدة يمكن السيطرة عليهم وتسخيرهم لأهداف الصهيونية الإسرائيلية والغربية، ولكن كانت المفاجأة أن بدأت مصر حرب استنزاف، استطاع فيها أبناء النيل من توجيه أقوى الضربات إلى العدو..
دلالات نصر أكتوبر
حرب الاستنزاف كبدت العدو الإسرائيلي خسائر كبيرة رغم خط بارليف المنيع الذى قال عنه الاسرائيليون أنه لن يستطيع أحد اقتحامه، بل لن يستطيع أحد من الاقتراب منه، وهناك النابالم الذى سيحول مياة القناة إلى جهنم، ولكنهم تجاهلوا كلمة قالها مجرم الحرب مناحم بيجن الذى تولى بعد ذلك رئاسة الوزراء، عندما شاهد صورة مجند إسرائيلى يهين أسير مصرى قال مناحم بيجن: ستدفعون ثمن هذا لأن المصريين لاينسون ثأرهم!
بل يؤكد المؤرخ الدكتور جمال شقرة الذى قدم للمكتبة العديد من الكتب والأبحاث ترصد الصراع العربى الصهيونى، يقول الدكتور جمال شقرة: الشىء الذى تجاهله كل الخبراء الاستراتيجيين ومراكز البحوث أن الجندى الاسرائيلى كان في قرار نفسه في حالة من الخوف من مواجهة المقاتل المصرى ويختبىء دائما وراء أحدث الأسلحة التى في يده!
ويبرر هذا الدكتور جمال شقرة أن الجندى الاسرائيلى يكمن في عقله الباطن بأنه يحتل أرض غيره ويحاول اقناع نفسه كما يحاول قادته أن يقنعوه أن البقاء مرتبط بضرورة أن يكونوا الأقوى ويخيفوا جيرانهم الذين يريدون الإلقاء بهم في البحر.
لهذا عند قيام حرب أكتوبر وعبور القناة وأصبح استكمال تحرير الأرض مجرد وقت، هنا أعلنت المراكز البحثية الصهيونية في أحد تقاريرها إن أهم عبرة استخلصها العرب من حرب 1973 أن الميزان الاستراتيجى قد اختل ولم تعد لاسرائيل سيطرة استراتيجية فى هذه المنطقة، وكما اعترف قادة الحرب الصهاينة أن حرب أكتوبر -هزت الاستراتيجية– لأن الجيش الذى لم يهزم هزم.
هذه الكلمات البسيطة عميقة تحمل نتائج وتحليل لكل ما حدث، وهذا يوضح لنا أن العدو يدرس كل شىء وعن طريق مراكز بحثية وليس بعشوائية من أصحاب الحناجر، لقد أثبتت حرب اكتوبر أن الكيان الصهيونى أصبح مهددا في المحافظة على استمراره كدولة آمنة، وأصبح الخطر عليها يتزايد كل يوم بعد حرب أكتوبر، ولكن استثمار انتصار أكتوبر العظيم لم يكن بحجم الانتصار.. وللحديث عن البطولات بقية.