ولا يُرفع بلاءٌ إلا بتوبة!
أليس ما نحن فيه من غلاء وبلاء وأمراض وعنف وحرائق غابات وتغير مناخي قاسٍ نتجرع ويلاته كل ساعة.. وحروب وصراعات تضرب مناطق كثيرة حول العالم.. ألا يستوجب ذلك كله توبة ليرفع الله عنا هذه البلاءات!
قد يبتلي الله عباده بسبب ذنوبهم فيصيبهم بالبأساء والضراء لعلهم يذكرون، فينيبون إليه ويتوبون ويتضرعون ويلتجئون إليه، كما قال الله تعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ”.{الأنعام:42}.
فما الحل إذن؟! لا حل إلا بالتوبة والاستغفار حتى ينكشف البلاء بإذن رب الأرض والسماء، فإنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
إصلاح الأخلاق
والسؤال: كيف نعود خير أمة قال الله تعالى فيها: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ ".. لابد أن نعترف بأننا تغيرنا من الإيجابية والتناصح والتواصي بالحق والصبر إلى السلبية والتواكل والغيبة والنميمة والصراعات وحب النفس والأنانية.. لقد صار القول غير الفعل.. انفصل المنهج عن السلوك.. خاصم ظاهرنا باطننا حتى وصلنا لما نحن فيه.
ألا ترون ما نحن فيه من عدم إتقان للعمل وغش أو طلب رشاوى بمسميات عديدة حتى باتت أمرًا مألوفًا لا ينكره المجتمع بل يساعد عليه ويباركه بالصمت أو بالفعل.. يراه الموظف حقًا مكتسبًا.. ويراه الجمهور أمرًا عاديًا لا تقضى الحاجات إلا به.. ولن تنصلح أحوالنا إلا بتغيير سلوكياتنا الخاطئة وتنقيتها حتى نعود للحق.
وإذا سلمنا بوجود تلك العلل في أنفسنا وفي مجتمعنا، فالاعتراف بالعلل أول خطوات العلاج الذي لا جدوى من إنكاره أو مداراته أو التنصل منه.. فماذا نفعل للخروج من هذه الأزمات؟!
لابد أن نصارح أنفسنا بأن أخطاءنا ما استشرت في مجتمعاتنا إلا لأنها لم تجد ضميرًا يقظًا يتصدى لانتشارها بل تجاوب معها المجتمع بكل أسف حتى صارت جزءًا من ثقافته وسلوكه اليومي في المجالات كافة، وسوسًا ينخر في عظامه ويقوض بنيانه ومناعته الأخلاقية فلا يكاد يفلت منها مسلسل أو عمل فني تذرعًا بأن ناقل الكفر ليس بكافر.
إصلاح الأخلاق لن يتحقق إلا بتوبة صادقة، تبدأ بالفرد لتعم المجتمع لاستعادة العافية والتماسك.. فهل نحن مستعدون لترك ما تعودنا عليه من سلوكيات خاطئة والتوبة منها حتى ينصلح حال مجتمعنا وأمتنا التي باتت في ذيل الأمم.. وكيف السبيل إلى التوبة النصوح.. وللحديث بقية.