رئيس التحرير
عصام كامل

إنقذوا أطفالنا قبل فوات الآوان!

خطر كبير أراه أمامي كلما رأيت غالبية الأطفال الأن وهم يحتضنوه بين أيديهم.. خطر يجعلني أصرخ بعلو صوتي: إنقذوا أطفالنا قبل فوات الآوان.. والطفل عندنا حتى الثامنة عشر من العمر.. وطبعا يمتد الخطر بعد ذلك.. لكن أقصر حديثي عمن هم دون الثامنة عشرة من العمر..

والخطر الجاثم الآن هو أفلام الكرتون وألعاب الكومبيوتر والانترنت.. الخطر تعددت أشكاله من استنزاف الوقت كله أمام الموبايل إلى الأثار النفسية والصحية والبدنية المترتبة على الاستغراق أمام هذا العدو الذي أظنه مثل المخدرات.

لكن الأكثر من تأثير المخدرات المدمر يأتي في المضمون الذي تحمله بعض الألعاب وأفلام الكرتون التي تكاد تكون ممنهجة للنيل من مستقبل منطقتنا العربية من خلال الخطة الشيـطانية التي لا تستهدف الأطفال تحديدا، ولكن المستقبل كله، ومناقشة بعض هذه الأثار يحتاج إلى مجلدات ومراجع ومؤتمرات لكن أطرحه للنقاش هنا على عجالة بما يتناسب من هذه المساحة.
 
في البداية الكل يدرك التأثير السلبي لبعض أفلام الكرتون على الأطفال بما تحتوي من مشاهد العنف الذي يحفر أخدودا في الصحة النفسية للطفل وهو في مرحلة التشكل والنمو ويغرس فيها ما ينمي الميول العدوانية التي تكمن في النفس وتنمو مع تقدم العمر أو حتى في مرحلته العمرية التي يعيشها، ولا نجاة من الغرق في هذا الطوفان بعد إبعاده عن مظاهر النشاط البدني في الرياضة والألعاب التي تنمي الذكاء والقراءة وغيرها.

ويأتي الخطر الأكبر أن معظم الأفلام تكون مدبلجة من الأفلام الغربية لسهولة التأثير وبما تحوي من عادات وتقاليد مختلفة عن مجتمعنا الشرقي، وقد تكون بعيدة عن الأخلاق الدينية الرفيعة مما يجعل الطفل يتربى على هذه العادات السيئة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما ينمى بطل هذه الألعاب الشر في نفوس الأطفال  نجده مترجما في الواقع من خلال العديد من حوادث الانتحار أو القتل أو السرقة التي يقلد فيها الأطفال أبطالهم في الألعاب أو الأفلام، وأذكركم على سبيل المثال قيام طفل في منطقة فيصل بقتل شقيقه الأصغر بطريقة مرعبة عندما حدث خلاف بينهما بسبب اللعب، وقال الطفل إنه فعل ما شاهده في أحد أفلام الكارتون التي تحتوؤ على عمليات قتل وعنف من خلال الأحداث غير المنطقية والتي تترسخ في أذهانهم على أنها حقيقة..

عنف ودعم المثلية الجنسية

كل هذه المشاهد تجعل الطفل لا يخاف من تجربة هذه الأشياء فهو غير مدرك لحقيقة الموت، وإذا كان الخيال يلعب دورا كبيرا في حواديت ألف ليلة وليلة وحواديت جدتى، لكن كان العامل المشترك فيها أن الخير ينتصر في النهاية وأن صاحب الحق يحصل عليه بعيدا عن العنف والقتل وبحار الدماء، أما هذه الافلام تجعل من استخدام المسدس والقنابل والصورايخ أمورا عادية.

ووطبعا احتشاد الأفلام بالأحداث الخيالية البعيدة عن الواقع تعرض الأطفال للوقوع بسهولة في فخ العديد من الجرائم في حق أنفسهم أو المقربين منهم دون أن يدركوا خطورة الموقف، فتكرار مشاهدة العنف في أفلام الكارتون تجعل الطفل يشعر بالبلادة تجاه هذه الأشياء ولا يشعر بالذعر منها.. فماذا تنتظرون ممن تربى على هذه المشاهد العنيفة؟

وبعيدا عن العنف البدني هناك أشكال أخرى من السموم الأكثر خطورة لأنها تتعلق بالسلوك والفكر، وإذا كان الكبار محصنين بالوعي والثقافة والدين والعادات والتقاليد فالأمر مختلف مع طفل كالورقة البيضاء الذي يسهل الشخبطة عليها، من خلال ترويج بعض المفاهيم والأفكار التي تصطدم بعاداتنا وسلوكياتنا ويحاول الغرب فرضها علينا بحجة الحرية، لكن أن يصل الأمر إلى حد العلانية عن هذه المضامين وإنتاجها في أفلام لأطفالنا يجعلنا ندرك حجم الحرب التي يراد بها مستقبل هذه الأمة.

على سبيل المثال كان إعلان شركة ديزني العالمية منذ شهور عن دعم المثلية الجنسية في أفلام الكرتون، وبدأ ذلك في الظهور في أفلام تحبب الأطفال في الشذوذ الجنسي مما يجعلني أصرخ بأعلى صوتي إنقذوا أطفالنا قبل الغرق! والكارثة أن هناك نية في الشركة لتحويل وإنتاج نحو 50% من الشخصيات الكارتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكرتون الخاصة بـ ديزني إلى شخصيات مثلية الجنس، كمحاولة لدعم مجتمع المثليين والعابرين والمتحولين جنسيا ومزدوجي الهوية الجنسية.

وظهرت البشائر في أفلام عديدة حيث مشاهد لقبلة بين شخصين من مثليي الجنس ضمن أحداث الفيلم، ولأن المنع لا ينفع الآن في عالم الانترنت علينا أن نعمل سويا للمواجهة على مختلف الأصعدة من خلال إنتاج أفلام وشخصيات مصرية وعربية من جهة ومن جهة ثانية بذل الجهد في رفع الوعي لأطفالنا، باختصار نعلمهم السباحة بالثقافة والأخلاق ليكونوا قادرين على السباحة ضد التيار.. 

وعلى أولياء الأمور - وهي مهمة صعبة للغاية- مراقبة المحتوى الذي يشاهده الأبناء، وعدم ترك الطفل بمفرده وبيده تاب أو موبايل بدون أي مراقبة للمحتوى الذي يراه حتى يمكننا مواجهة خطر أفلام الكرتون غير الهادفة. نعم المهمة صعبة لكن أولادنا أغلى ما نملك.. نعم المهمة صعبة لكن المستقبل أغلى ومصيرنا يحتاج تكاتفنا جميعا، فهل نتحرك قبل فوات الآوان؟!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية