عقدة هيكل
من حقك أن تحلم، لكن.. احذر أن يأخذك حلمك إلى منطقة الوهم فتتحول إلى حالة مرضية مستقرها مستشفى الأمراض العقلية، وهذا يحدث عندما يكون الحلم أكبر من إمكانيات الحالم، كما حدث لـ رشدي في فيلم (شيء من الخوف) عندما أوحى له خياله المريض أنه أقوى من عتريس، فأخذ يهذي.. أنا أقوى من عتريس، إنتم مبتخافوش مني ليه، أنا بلوة مسيحة. وتحول رشدي الذي كان آداة في يد عتريس يستخدمها ضد البعض إلى مسخة يسخر منها الكبار والصغار.
بعد رحيل الأستاذ محمد حسنين هيكل.. ظهرت بعض الشخصيات التي طمعت في أن تملأ المساحة التي شغرت برحيله، تقمصت شخصيته، وادعت تواصلها مع الكبار في الشرق والغرب، وأنها عالمة ببواطن الأمور، تحلل، تستنتج، تنصح، تضع الروشتات السياسية والاقتصادية والتعليمية والطبية، تظهر وحيدة في البرامج التليفزيونية مرتدية الزي الكامل، البدلة والكرافت وساعة اليد الفخمة.
عقدة الأستاذ هيكل أصابت الكثيرين، تعافى منها البعض، وبقيت قلة قليلة متشبثة بحلم يفوق إمكانياتها، ومنهم هذا الذي تأتينا كتاباته من حيث يقيم، والإقامة بالتأكيد من فندق فخيم، لينصح وينظر ويدعي ويضع الروشتات، الإقامة -كما اعتاد- على حساب الغير، والكلام -كما عودنا- على لسانه لكنه كلام الغير.
المتلون وعقدة الأستاذ هيكل
هذا المقيم في الفندق الفخيم أصبحت الأزمات سبوبته التي يقتات منها، ينقلها تارة ويصنعها تارة أخرى، نقلها في بضع مقالات مؤخرًا، وهو ناقل غير أمين، وصنعها أكثر من مرة عندما استدان من مؤسسة كبرى وفر إلى الخارج، وصنعها أخرى عندما فاجأ مئات الصحفيين بإسدال الستار على مؤسسة صحفية وأكل حقوقهم وفر أيضًا إلى الخارج.
هذا المقيم في الفندق الفخيم والذي تطارده عقدة الأستاذ هيكل نسي أن هيكل قدس الصحافة وصنع هيبة الصحفيين، أما هو فحول الصحافة إلى سبوبة وأهان الصحفيين وأكل حقوقهم.
تلون المقيم في الفندق الفخيم أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، وأكل على موائد مبارك والمجلس العسكري والإخوان، ولم يصن العيش مرة واحدة، يمدح ثم يذم، ثم يمدح ثم يذم بوجه مكشوف لم يذق طعم الخجل.
المقيم في الفندق الفخيم هو إمام المتلونين، وكبيرهم الذي علمهم أن الإنتماء لمن يدفع أكثر، وأن شرف الكلمة يتوارى مع كثرة المال والموائد العامرة بما لذ وطاب.
كتبت عن هذا المقيم في الفندق الفخيم ثلاث مرات في العامين الأخيرين، وأكتب عن من يؤمهم من المتلونين عشرات المرات في السنوات العشر الأخير، فلا هو ولا من يؤمهم كلوا ولا ملوا، ولا أنا توقفت عن الكتابة، ولن أتوقف إلا إذا أطال الله في عمري ورأيتهم يجوبون الشوارع مثل رشدي، يسخر منهم الكبار، وبالطوب يقذفهم الصغار.
besheerhassan7@gmail.com