مبادرة كيرى.. هل تنقذ العالم من الغليان ؟!
هل تفلح مبادرة المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري، الذي طالب خلال حواره مع الصين، بإنشاء لجان حول العالم من أجل مواجهة التغير المناخي العالمي في إنقاذ العالم من الهلاك الناتج عن الغليان؟!
جون كيرى اعتبر أن هذا الأمر بما وصل إليه من خطورة بات بحاجة إلى طوارئ علمية وجهود حثيثة، خاصة في السنوات الخمس المقبلة التي سنشهد خلالها احترار عالميًا غير مسبوق.. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وبكين يجنب العالم مغبة التغير المناخي الخطير.
وإذا لم يتوصل الأمريكان والصينيون لاتفاق فأين تتجه البشرية.. وهل سيترك الأمر لاستجداء ضمائرهم، إن شاءوا أنفذوا تعهداتهم وإن شاءوا نكصوا ونقضوا عهودهم والتزاماتهم المناخية لتلقى البشرية مصيرها البائس الذي وصفه القرآن قبل أكثر من 14 قرنًا بقول الله تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم:41)..
وهل سيقف بقية العالم مكتوف اليدين دون إلزام قادة الدول الكبرى صناعيًا التي أسهمت بحظ وافر في تلويث الكوكب ورفع درجة حراراته لهذه الأرقام القياسية بإصلاح ما أفسدته أيديهم.. وهل تكتفي الأمم المتحدة بالتحذير والتخويف لما ستؤول إليه مصائر الإنسانية..
مواجهة التغيير الحراري
وهل بقى وقت يُستهلك في مجرد التحذيرات والتوقعات بالقادم، أم أن الوضع الكارثي يلزم التحرك الدولى تحت مظلة الأمم المتحدة لكبح سرعة ودرجة الغليان قبل أن يمحو الحياة على الأرض.. لماذا لا يدعو أمين العام الأمم المتحدة لاجتماع عاجل لاحتواء الموقف المأزوم مناخيًا وإلزام الدول بتنفيذ تعهداتها المناخية التي قطعتها على نفسها قبل cop 27.. أم أننا سننتظر فترة أخرى حتى ينعقد cop 28 في الإمارات؟!
توفر الإرادة الدولية الفعالة شرط ضروري لتحقيق العدالة المناخية العالمية الناجزة وإنقاذ الكوكب من مصير تعس ينتظره إذا ما استمر استخدام الوقود الأحفوري بمعدلاته الحالية جريًا وراء مزيد من الأرباح دون تغيير جذري في سياسة الدول الصناعية الكبرى التي تسببت في رفع نسب الكربون إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ، وأدى إلى ما نعيشه اليوم من غليان يشعر به كل كائن حى على وجه المعمورة.
لابد من تحركات دولية إجماعية على الأرض للوفاء بالتعهدات المناخية، لتحسين المناخ ومنع تفاقم حالة الغليان الحراري الذي يهدد بدمار الزرع والحرث والنسل وإلزام من تسبب في تدمير البيئة والإخلال بتوازنها المناخي بتوفير التمويل اللازم لإحداث التحول الأخضر خصوصًا في الدول النامية أكثر المتضررين من تغير المناخ وأقل المتسببين فيه.
الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بادر بتخصيص 50 مليار دولار لمواجهة تغير المناخ، وربما تكون تلك الخطوة أولى مراحل التحرك الفعلي لمواجهة التداعيات الكارثية للتغيرات المناخية.. وهو ما يمكن اعتباره أول الغيث.
لكن ثمة حلول إجرائية ينبغي إنجازها في محيطنا الإقليمي؛ فلابد من الاهتمام بإعادة كثافة الأشجار داخل المدن، وتوفير غطاء أخضر، وهذه لتخفيف حدة الظواهر الحالية، مع ضرورة تخفيف استخدام الوقود الأحفوري.
إذا أردنا أن نصل إلى شرق أوسط أخضر، فلابد من تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الخضراء التي قطعت مصر على طريقها خطوات مهمة عبر منصة نوفّي التي تلقت دعمًا دوليًا لا يزال في حاجة للمزيد والمزيد لإحداث التحول الأخضر المطلوب ويجب أن تحذو المنطقة حذو القاهرة لما لهذه المشروعات من بالغ الأثر في استمرار الحياة على الأرض.
لابد من إعادة النظر في وظائف واختصاصات مجلس الأمن الدولي لتوسيع عضويته بحيث لا تقتصر كما هو الحال حاليًا على 5 دول دائمة العضوية بل ينبغي أن ينضم إليه دول أخرى تمثل قارات غائبة تماماُ عن التمثيل الدائم في مقاعده مثل قارة أفريقيا رغم أنها أكثر المضارين من تغيرات المناخ..
كما ينبغي توسيع اختصاصاته بحيث يتولى النظر في إعادة التوزان البيئي للعالم جنبًا إلى جنب حفظ السلم والأمن الدوليين وحل النزاعات والصراعات، وأن يتخذ من الإجراءات ما يمنع استمرار العدوان على الطبيعة وتدميرها بصورة منظمة حتى نخرج بسلام من دائرة الغليان المناخي المرشح للصعود وإحداث مزيد من الدمار.. فهل يفعلها مجلس الأمن؟!