هل يكسب محمد رياض رهانه على الزعيم ومهرجان المسرح؟
من البديهي أن نقول إن المسرح هو أبو الفنون وأولها وأكثرها شمولية، حيث يحتوي على العديد من الفنون السمعية والبصرية والتشكيلية التي لا تتوافر في فن واحد سواه، فهو أول فن عرفته البشرية حتى قبل الحضارة الفرعونية أهم الحضارات الإنسانية في التاريخ..
ثم تطور بمرور وتعاقب الأزمان حتى وصل إلى ذروة نهضته في مصر خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات مع ظهور أعمال الكتاب العظام توفيق الحكيم ويوسف إدريس وألفريد فرج وميخائيل رومان وسعد الدين وهبه وعبد الرحمن الشرقاوي وصلاح عبد الصبور، وواكب ذلك تأسيس العديد من الفرق المسرحية المهمة مثل مسرح التليفزيون، المسرح الحديث، المسرح الكوميدي، فرق مسرح الحكيم، المتحدين.
ولكن مع ابتعاد ورحيل أغلب هؤلاء المبدعين الكبار وتراجع المنظومة الثقافية وتخلي الدولة عن جزء كبير من دعمها للمسرح، انتعش مسرح القطاع الخاص ولكنه لم يكن مؤهلًا لقيادة حركة نهضة جديدة، فتسيد ما يعرف بمسرح الكباريه المشهد المسرحي في التسعينيات، مما مهد إلى فوضى مسرحية أعقبها انسحاب واختفاء أغلب الفرق المسرحية حتى وصلنا إلى ما يشبه حالة الفراغ المسرحي، اللهم إلا من قلة معدودة من العروض المقبولة للبيت الفني للمسرح أو القطاع الخاص على فترات متباعدة!
فيها حاجة حلوة
فيها حاجة حلوة إسم أغنية جميلة كتبها الشاعر المتميز أيمن بهجت قمر ولحنها العبقري عمر خيرت وشدت بها الرائعة ريهام عبد الحكيم، وهي الشعار الذي أطلقه الفنان المبدع محمد رياض على صفحاته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحات المهرجان القومي للمسرح، منذ أن تم تكليفه برئاسته من قبل وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني في مارس الماضي..
ومنذ ذلك التاريخ ومحمد رياض يبحث وينقب دون أدنى كلل عن كل فكرة وفنان وحاجة حلوة في مصر لها بصمات حلوة في المسرح، ومن ثم كان أهم وأذكى قرار له واللجنة العليا للمهرجان التي تضم نخبة من الفنانين والمبدعين في كافة مجالات الفنون المسرحية، أمثال الفنانين نضال الشافعي وطارق عبد العزيز وإيهاب فهمي والمخرج الكبير خالد جلال والناقدة القديرة عبلة الرويني والسيناريست وليد يوسف هو قرار إطلاق اسم الزعيم عادل إمام على الدورة الجديدة للمهرجان..
وتحمل رقم 16 والتي ستنطلق بعد سويعات قليلة وتستمر حتى 14 من الشهر المقبل، وتكريم 10 شخصيات مسرحية وإصدار كتبًا عنهم.. منهم خالد الصاوي وصلاح عبد الله ورياض الخولي ومهندسة الديكور نهى برادة والمخرج سامي عبد الحليم..
يتنافس على جوائز المهرجان في مسابقته الرئيسة هذا العام 37 عرضًا مسرحيًا يمثلون كافة أنواع الفرق المسرحية من مسارح الدولة والفرق الخاصة والهواة والشركات والجامعات والمعاهد الفنية ويرأس لجنة التحكيم الفنان القدير أشرف عبد الغفور..
واستحدث المهرجان هذا العام مسابقة جديدة للتأليف المسرحي 'العمل الأول' تقدم لها 186 نصًا مسرحيًا، من الأشياء الجديدة أيضًا للمهرجان الورش التي سيعطيها عدد من المتخصصين في التمثيل والإخراج والإلقاء والإدارة المسرحية والسينوجرافيا..
ومن المقرر أن يخرج حفل الافتتاح والذي تتخلله بعض الفقرات الفنية ويقام في الثامنة والنصف من مساء اليوم السبت بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المخرج هاني عفيفي وتشهده وزيرة الثقافة د. نبيلة الكيلاني وقيادات الوزارة وعدد كبير أتوقع أن المهرجان لم يشهد مثله من قبل على مدار دوراته ال 15 السابقة من الفنانين والمسرحيين والنقاد والصحفيين وكل محبي المسرح وداعميه.
حلم رياض
الحقيقة أن صديقي الفنان الكبير الخلوق محمد رياض الذي تربطني به صداقة متينة، منذ أن تعرفت عليه أثناء تصوير أول الأعمال التليفزيونية المهمة له التي لفتت الانتباه إلى موهبته القوية مسلسل العائلة تأليف وإخراج الراحلين العظيمين على التوالي وحيد حامد واسماعيل عبد الحافظ وبطولة العملاق محمود مرسي والجميلة ليلى علوي عام 1994..
هو دائمًا نموذج واضح وحقيقي للفنان الملتزم المحترم المخلص لفنه ولجمهوره، الذي يضع نصب عينيه طوال الوقت صورته أمام هذا الجمهور وهو ما تعكسه أعماله وأكاد أجزم أن هذه الصفات الحميدة ستصبح جواز مروره ونجاحه في موقعه الجديد كرئيس للمهرجان القومي للمسرح وتحقيق طموحاته وأحلامه فيه، وجذب جمهور المسرح إلى قاعاته مرة أخرى بعد غياب طويل رافعًا شعار المسرح للجميع..
خاصةً وأنه نجح منذ يومه الأول في رئاسة المهرجان قبل أربعة أشهر في إعادة الزخم والشغف والاهتمام لهذا المهرجان المهم والذي كاد أن يطويه النسيان والإهمال بعدما عاني كثيرًا في دوراته الأخيرة من عدم الاهتمام والتجاهل سواء من الفنانين أو من الصحافة والإعلام..
بعد أن لمس الجميع حجم المجهود الجبار الذي بذله محمد رياض واللجنة العليا للمهرجان وكل العاملين به ومن ثم لم يعد يتبقى سوي توفيق الله عز وجل وهي المكافأة التي ينتظرها محمد رياض ورفاقه وكل من أحسن عملًا ويكسب الرهان على شعبية ومكانة الزعيم عادل إمام وعلى إيمانه بأهمية وجود وتطور هذا المهرجان.