شر المصاطب
شاهدت مقطع فيديو لأحد الأشخاص وهو ينتقد سلوكا مذموما، بات ينتشر في شوارع وحوارى بعض مناطقنا الشعبية الضيقة، فضلا عن شيوعه بكثرة فى قرى الريف.
مسألة جلوس النساء أو الرجال على أبواب البيوت والمصاطب، والأكثرية للنساء في الغالب، إذ يفر الرجل غالبا إلى المقهى، ترمق أعينهن المارة ذهابا وايابا، تفصيلا وتدقيقا، في كل ما يخص هذا القادم ذو الحظ السيئ، بشكل يثير الضجر، إذ أن الناس لا يحبون أن تركز الأعين معهم أو مع مشترواتهم، وهم مرور فى شارع أو حارة.
يوما كنت أمر فى شارع بإحدى القرى، في زيارة لصديق، وكنت أحمل بعض أكياس الفاكهة، ولأني أعرف طبيعة المكان وناسه، فقد طلبت من البائع وضع الفاكهة فى أكياس سوداء وهو أمر غير محبب للصحة ولكن ما كان لى اختيار، وللاسف لم يكن لدى البائع أكياس سوداء ولم أجد مكانا اشتري منه، كى أخفى زيارتي لصديقي عن أعين الجالسات على رأس شارعه الضيق.
لحظات صعبة
توكلت على الله وأنا اقرأ الفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي، وكل أذكار الصباح والمساء، أن يكفينى الله شر التعثر أمامهن أو أن تخترق أعينهن، إحدى اكياسي فيسقط مبعثرا ممزقا.
لحظات صعبة ثقيلة على النفس مرت وأنا مقبل على الشارع وقد توقفن عن الحديث حين رأيننى، وبدأن فى التركيز الحاد من أعلى رأسي إلى أخمص قدماي والتدقيق البالغ في محتويات الزيارة، حتى شعرت فعلا بشئ لا إرادي من تثاقل المشي..
وسمعت إحداهن تسأل جارتها خلسة "مين ده؟" فأيقنت أنى واقع لا محالة فى فخ ترقب الوصول عبر كاميرات المراقبة البشرية، وهو ما دفعني لذكر الله بصوت مرتفع بعد إلقاء السلام عليهن على مضض محاولا اتقاء شرورهن.
كانت الأكياس السوداء، جواز مروري من أعين هؤلاء النسوة ممن اعتدن الجلوس على سلم منزل أو مصطبة، مجتمعات لهدف يبدو ترويحا عن النفس إلا أنه خبيث ألا وهو ترقب أحوال المارة وأولادهم وزوجاتهم وفرز مشترواتهم..
حيث تبدأ عجلة الألسنة فى الدوران والتساؤل عن ماهية هذا الشخص إذا لم يكن معروفا لديهن، إلى من أتى وماذا يحمل في يده مع توقعات بما يحمل، أو التدقيق في مستوى نظافة ملابسه وهندامه ودرجة نظافة غسيل زوجته واعتناءها به إذا كان من أهل القرية، ومشترياته أيضا!.
إلى الرجال الذى يتركون زوجاتهم ينهشون المارة بألسنتهم وأعينهم متذرعين بأن تلك الجلسة متنفس لهن، احموا الناس من رصاصات تنطلق بلا رحمة فتصيب وتوجع وتؤلم وتحسد، بادروا بالتنزه أو التمشية مع زوجاتكم، امنعونهن من الجلوس على الطريق ومراقبة المارة والتجسس على احوالهم والخوض فيهم وفي اعراضهم، ابتغاء وجه الله سبحانه..
فما كان هذا السلوك القبيح أن يتماشى أبدا مع الهدي النبوي الكريم حين حذر صلى الله عليه وسلم، فى الحديث الشريف من الجلوس بالطرقات مناديا بضرورة اعطاء الطريق حقه وأول شئ من حقوق الطريق هو كف الأذى.