حصاد الغش.. في طب أسيوط !!
حالة جدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول قصة رسوب 60% من طلاب الفرقة الأولى بطب أسيوط 2023.. وهو رقم كبير إذا ما قورن بنتيجة العام الماضي التي تخطت نسبة النجاح فيها 80% للفرقة المناظرة بالكلية ذاتها!
الدكتور علاء عطية عميد الكلية قال إن إجمالي طلاب الفرقة الأولى نحو 1207 طلاب، رسب منهم 720 طالبًا (سقوط وغياب) بينهم 339 طالبًا وافدًا من السودان من أصل 350 طالبًا أي أن 11 طالبًا فقط هم الذين نجحوا من الأشقاء السودانيين.. والسؤال هنا: لماذا جرى قبول كل هذا العدد من الوافدين في كلية طب واحدة ولم يتم توزيعهم بنسب متساوية على الكليات المناظرة؟!
كلية طب أسيوط من الكليات الكبرى ومن ثم فتنسيقها مرتفع قياسًا بكليات طب أخرى؛ ومن الطبيعي أن يأتي امتحانها جديرًا بقياس مستوى الخريج الذي سيعمل بمهنة الطب مستقبلًا.. الغريب أن امتحاناتها لم يتغير مستواها هذا العام عما سبق.. لكن نسبة رسوب هذا العام كانت أعلى بكثيرمن الأعوام الماضية.
إذا اعتبرنا رسوب الأشقاء السودانيين بنسبة كبيرة متغيرًا جديدًا فاقم المشكلة لكن هذا العامل وحده ليس السبب في هذه الكارثة؛ نعم كارثة؛ فالراسبون من المصريين أيضًا عددهم كبير جدًا.. فكيف نأتمن أطباء كانوا يرسبون على حياة المواطن.. وهل كارثة الرسوب في طب أسيوط إحدى تجليات لجان الأكابر التي جرى عقدها في بعض محافظات الصعيد والتي شهدت حالات غش بالجملة في الثانوية العامة العام الماضي؟!
الدكتور علاء عطية عميد طب أسيوط أرجع ارتفاع نسبة الرسوب بين طلاب (أولى طب اسيوط 2023)، إلى أن هذه الدفعة هي نفسها دفعة الثانوية العامة 2022 التي انتشرت نسبة الغش وقت امتحاناهم، وهذا هو الحصاد الطبيعي للغش، وأن ما حدث العام الحالي أمر ليس معتادًا!
مؤكدا أن إدارة الكلية طالبت بالعدالة في توزيع الطلاب الوافدين، خاصة أن كلية طب أسيوط استقبلت النسبة الكبرى من طلاب السودان حتى شهر ديسمبر، أي بعد انطلاق الدراسة بأكثر من شهر.
المدهش أن جميع الفرق الدراسية بالكلية حققت نسب نجاح معقولة تخطت 75%، وهي النسبة المتعارف عليها في طب أسيوط.
مواجهة لجان الغش
وحسنًا فعل الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم حين سعى جاهدا لمواجهة لجان الغش الجماعي والمعروفة إعلاميا بلجان أولاد الأكابر، في المحافظات المشهورة بها، من خلال تشكيل لجنة عليا لبحث أي تحويلات طلابية للتحقق من مدي قانونيتها..
ونجحت الوزارة في رصد بعض محافظات الصعيد التي حاول البعض فيها تكوين بؤر جديدة للغش في الامتحانات، وجاء التحرك سريعًا بتشكيل لجنة راجعت كافة أعمال التحويلات التي تمت لطلاب الصف الثالث الثانوي هذا العام، خاصة داخل الإدارات التعليمية بمحافظات سوهاج وأسيوط وقنا..
حيث تم ضبط 600 تحويل لطلاب ثانوية عامة من مدارس رسمية حكومية إلى مدارس خاصة داخل نفس الإدارة التعليمية التابعين لها، أملًا منهم في أن يتم تسكينهم في لجان امتحانية بعينها طمعا في ممارسة أعمال الغش في الامتحانات هذا العام، إلا أن مديرية التربية والتعليم بسوهاج والمسئولين عن امتحانات الثانوية العامة بالوزارة تنبهوا للأمر مبكرا..
حيث تم اكتشاف أنه من بين الـ600 تحويل قرابة 250 تحويلا تم لمدرسة خاصة واحدة وهو ما جرى تداركه بإعادة توزيع الطلاب على لجان سير الامتحان، بهدف تحقيق مبدأ المساواة، وفعليا تم توزيع الطلاب المحولين على اللجان العامة، بشكل متفرق على اللجان الفرعية حتى لا يتجمع عدد منهم داخل لجنة واحدة، وذلك لإحباط أي محاولة غش متوقعة وضمان انضباط سير العملية الامتحانية هذا العام كما جرى تزويد تلك اللجان بكاميرات مراقبة، بهدف تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع..
ترى ماذا لو لم تفعل الوزارة كل هذا.. كم سيكون عدد من يرسبون في طب أسيوط وغيرها من الكليات..هل أصبح الغش ثقافة لا يتورع المجتمع عن ارتكابها.. وماذا نفعل لغرس الضمير في الطلاب ومن قبلهم أولياء الأمور والمعلمين الذين يكرسون للغش ويشجعون عليه حتى ننقذ سمعة الطب المصري؟!