متى تصبح زيادتنا السكانية نعمة لا نقمة؟!
ما زلنا نراوح مكاننا بسؤال: هل الزيادة السكانية نقمة أم نعمة؟! حكوماتنا المتعاقبة منذ عقود لا تزال تراها نقمة تلتهم عوائد التنمية وتبدد المستقبل وتعوق أحلام النهضة والرفاه وفرص التقدم؛ ذلك أنها تفوق ما عندنا من موارد وعوائد..
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أعلن منذ أيام أن مصر تزيد مليوني نسمة سنويًا وأنها -رغم نجاح الدولة في خفض الانفجار السكاني بمعدل نصف مليون سنويًا- لا تزال الأولى عربيًا؛ والرابعة عشرة عالميًا في الزيادة السكانية، كما أكد رئيس الوزراء أن زيادة السكان في الدول غير المنتجة وبال بعكس الدول المنتجة..
أزمة إدارة
والسؤال: ما الذي يمنع مصر الشابة ديموغرافيًا أن تكون على شاكلة اليابان التي تضن عليها الطبيعة بالموارد بل وتغضب عليها أحيانًا كثيرة بزلازل وبراكين وأعاصير تثور فتهدم ما بنوه في لحظة لكنهم مع ذلك لا يأتيهم اليأس من بين أيديهم ولا من خلفهم؛ بل يعملون ليل نها حتى أصبحوا من أقوى اقتصادات العالم ومن أعظم منتجي التكنولوجيا والأجهزة المتطورة!
اليابان بعد ضربها بالقنبلة النووية انكفأت على ذاتها لتخرج أعظم ما يمكن لبشر أن يبدعه.. وقد كان وصارت إلى ما هى عليه من تقدم ورخاء يشار إليهما بالبنان.. كلمة السر هى العلم والعمل وحسن إدارة البشر.
مصريون كثيرون في العالم ملء السمع والبصر؛ علماء ومبدعون ومنتجون للمعرفة؛ منهم في أمريكا وحدها ثلاثة آلاف عالم أسهموا ولا يزالون في صناعة مجدها وتفوقها بحسبانها القوى الأعظم عالميًا..آحاد المصريين ناجحون ملهمون.. بينما مجموعهم صفر أو أحسن قليلًا.. ترى أين الخلل..
أهى الزيادة المطردة بل هدى ولا هدف ولا غاية ولا تعليم جيد ولا صحة عفية.. أم غياب القدرة على الاستيعاب والاحتواء والتنمية الواعية والتوجيه.. منتخبنا الأولمبي بلاعبيه المحليين تفوق على المغرب بعناصره المحترفين.. لماذا؟!
الإدارة هي كلمة السر.. إدارة البشر بمعايير قادرة على جعلهم قوة مضافة منتجة! ألمانيا العجوز ديموغرافيًا تكسب سنويًا 200 مليار دولار من العمالة الفنية الماهرة التى جرى تدريبهم وتأهليهم تعليميًا وتدريبيًا.. وبمناسبة ألمانيا أين وصلت مدارس مبارك كول.. لماذا لا نتوسع في تعميم التجربة؟! لماذا لا نستلهم روح وعقل الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات الأسبق في خلق وتنمية صناعة التعهيد وتحقيق عوائد بمليارات الدولارت؟!
هل تعليمنا الفني بخير.. أم أن المجتمع يزدريه بينما تستأثر الثانوية العامة وهى في رأيي أس البلاء بكل الاهتمام والتقدير المجتمعي.. والنتيجة ما نحن فيه.. عشرات الآلاف من الخريجين المتعطلين في بلد ينمو سكانيًا ويتباطأ اقتصاديًا.. ترى متى تصبح زيادتنا السكانية نعمة؛ وهي بالقطع كذلك إذا أحسنا الاستثمار في البشر.. وجعلناهم فوق الحجر.. وللحديث بقية؟!