إيمان البحر درويش.. لماذا نتركه نهبًا للمرض؟!
الفن قوى ناعمة لأي دولة؛ وفي مصر تزداد أهميته ويتعاظم دوره؛ ذلك أنه من أهم مقومات تلك القوى الناعمة بما عرف عنها من ريادة حقيقية للعرب وأفريقيا في الغناء والتمثيل كما في الأدب والعلوم وشتى المعارف.
الفنانون هم عماد القوى الناعمة وعنوانها شأنهم شأن الكتاب والمفكرين والشعراء والمبدعين في كافة مجالات الأدب والعلوم والفنون.. ولا يصح أبدًا أن نراهم على صورة تقلل من شأنهم أو تمتهن آدميتهم فضلًا عن مكانتهم في وجدان الجماهير..
وليس مستساغًا أن نرى صورهم المحزنة على أسرَّة المرض، وكأنهم بلا رعاية ولا اهتمام لا من الدولة ولا من النقابات الفنية المسئولة عنهم.. كما حدث أخيرًا مع الفنان القدير إيمان البحر درويش حفيد الموسيقار العظيم سيد درويش.
ما جرى تداوله للفنان إيمان البحر درويش من صور ينفطر لها القلب ألمًا وحزنًا لما صار إليه من وهن وشيخوخة ومرض لا يليق أبدًا بفنان أعطى لفنه وبلده دون حدود فضلًا عن أنه من أسرة فنية مشهود لها بالإبداع والتاريخ الفني العريق.
ما الذي دفع إبنة الفنان إيمان البحر درويش لنشر صور أبيها على فراش الموت وهي الصورة التي ارتجت لها السوشيال ميديا والرأي العام في مصر.. وما الرسالة التي أرادت توصيلها لمن يهمه الأمر خصوصًا أنها أعلنت أنه مريض منذ فترة؟!
الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تجاوبت مع حالة إيمان البحر درويش وأعلنت استعدادها التكفل بنفقات علاجه امتنانًا لموهبته.. وهو أمر تستوجب الشكر عليه.. لكن السؤال: لماذا تتباطأ نقابة الموسيقيين في التحرك لاستنقاذ الفنان من براثن المرض قبل أن يتوحش ويستفحل ويصبح من الصعب استدراك الموقف..
لماذا قامت الدنيا ولم تقعد بعد قيام ابنته بنشر تلك الصورة المؤسفة.. ولماذا ننتظر حتى اللحظات الأخيرة.. ألم تكن نقابة الموسيقيين التي يحمل إيمان البحر درويش عضويتها تعلم بحالته المرضية منذ البداية.. إذا كانت تعلم وتقاعست فتلك مصيبة.. وإذا لم تكن تعلم فالمصيبة أعظم.. وكم في مصر من المضحكات لكنه ضحك كالبكا!
متى نرى العلاج الفوري والمناسب -وهو حق دستوري أصيل- متاحًا لكل مواطن متى احتاج إليه وفي أي مكان يؤويه.. ظني أن اكتمال منظومة التأمين الصحي الشامل بأسرع ما يمكن ينبغى أن يكون أولوية قصوى على أجندة الحكومة –أي حكومة- حتى لا يخرج علينا بين الحين والحين مرضى بين الحياة والموت يحول ضعف الإمكانيات وقلة الموارد دون إنقاذ حياتهم من المرض.. متى تكون النقابات درعًا حقيقيًا في كل أزمة صحية تواجه أي عضو من أعضائها؟!
إيمان البحر درويش مجرد حالة كاشفة لضعف الحيلة أمام قسوة المرض وقلة الحيلة.. دعاؤنا له ولكل مريض بالشفاء.. وللمنظومة الصحية بالاكتمال لتكون مظلة تقينا مصارع المرض وسوء العاقبة.