رئيس التحرير
عصام كامل

طريقة الحوار والمناقشة

عزيزى القارئ اتفقنا في المقالات السابقة أن التدريس بشكل عام لكى يعد فعالًا فإنه يتطلب تفاعلًا متبادلا بين المعلم والمتعلمين بقصد تحقيق أهداف ومطالب تعليمية وتربوية، ويتوقف هذا التفاعل على نوع وطبيعة طريقة التدريس التى يختارها المعلم لتنفيذ الدرس، وسوف نناقش فى مقال اليوم طريقة الحوار والمناقشة بوصفها من أهم الطرق التدريسية التى تدعم التفاعل بين المعلم والمتعلمين.


وتعرف طريقة الحوار والمناقشة بأنها طريقة تدريس يكون فيها المعلم والطلاب فى موقف إيجابى، حيث يدير المعلم خلال الموقف التدريسى حوارًا شفهيًا حول القضية أو المشكلة موضوع الدرس يتبادل الطلاب فيه الآراء والأفكار المختلفة فيما بينهم تحت إشرافه، ثم يعقب المعلم على ذلك موضحًا ما هو صائب وما هو غير صائب.. 

ويبلور كل ذلك في نقاط تلخص الموضوع أو المشكلة، والهدف هو اشتراك المعلم مع طلبته في طرح المادة العلمية ومناقشتها، وبالتالى فهمها وتفسيرها وتحليلها وتقويمها، ووصول المتعلمين بشكل تشاركى إلى استنتاجات ومقترحات تحقق أهداف الدرس.


وتعد طريقة الحوار والمناقشة من أنجح طرق التدريس حيث تصلح للاستخدام فى جميع المراحل التعليمية وخاصة فى المراحل العليا، كما تعد وسيلة من وسائل الاتصال الفكرى بين المعلم والمتعلمين، ويمكن للمعلم تنفيذ طريقة الحوار والمناقشة بأساليب متعددة، يطلق عليها أنواع المناقشة ومن بينها:

 

أنواع المناقشة

المناقشة الموجهة: وهى تعتمد على طرح المعلم سلسلة من الأسئلة التدريجية التى تعمل على الربط بين الأجزاء المختلفة من محتوى الدرس، وتهدف إلى بحث المتعلمين عن الحقائق والمفاهيم من خلال التفكير.. 

 

وتساعد هذه الطريقة المعلم على معرفة النقاط الغامض فهمها على المتعلمين، فيقوم بتوضيحها وإعادة شرحها أو إعادة طرح الأسئلة حولها، مما يعطى المعلم مؤشر واضح على مدى استيعاب الموضوع أو الدرس أو الفقرة.


المناقشة الاكتشافية الجدلية: وتنسب هذه الطريقة إلى الفيلسوف سقراط  حيث كان يطرح الأسئلة ولا يقدم لها إجابات جاهزة، ويتم الحوار أو الجدل حتى يتم اكتشاف الحلول الصحيحة، وبذلك أعطى للمتعلمين خبرة فى طرائق التفكير التى تؤدى إلى الكشف عن الحقائق بأنفسهم وسميت هذه الطريقة بالطريقة السقراطية.


 طريقة المناقشة الجماعية: وفى هذه الطريقة يجلس مجموعة من المتعلمين على شكل حلقة لمناقشة موضوع الدرس، ويقوم المعلم أو أحد المتعلمين بتحديد أبعاد الموضوع وحدوده، ويوجه المناقشة كما يوجه بعدم الخروج عن موضوع المناقشة، ثم يحدد الأفكار التى توصلت إليها المجموعة، وهنا يتاح لأكبر عدد من المتعلمين المشاركة الفعالة والتعبير عن وجهات النظر المختلفة.


الندوة: وتنفذ هذه الطريقة بجلوس عدد من المتعلمين لا يزيد عددهم عن ستة بالإضافة إلى طالب يقوم بدور المقرر يجلسون فى نصف دائرة أمام بقية طلاب الصف، ويعرض المقرر موضوع المناقشة ويوجهها.. 

 

بحيث يعمل على التنسيق بين أفراد المجموعة المشتركة فى عرض وجهة نظرهم فى الموضوع، وبعد انتهاء المناقشة يلخص أهم نقاطها، ثم يطلب من المتعلمين طرح أي سؤال لديهم، بعد ذلك يقوم المقرر بعمل ملخص نهائى للموضوع ونتائج المناقشة.


المناقشة الثنائية: فى هذه الطريقة يجلس طالبان أمام بقية طلاب الصف، يقوم أحدهما بدور السائل والآخر بدور المجيب، أو قد يتبادلان الموضوع والتساؤلات.


المناقشة الحرة: تهدف إلى الحصول على أفكار جديدة أو طرق مبتكرة لحل المشكلات أو البحث فى وجهات النظر المختلفة، ويمكن استخدام أسلوب العصف الذهنى لإنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار.

 

الشروط الواجب توافرها في المعلم

والسؤال الذى يجب أن نطرحه ونتناقش فى إجابته يدور حول الشروط الواجب توافرها فى المعلم لكى يستخدم طريقة الحوار والمناقشة فى التدريس، حيث تتطلب هذه الطريقة من المعلم أن يعد مسبقا موضوع النقاش وأنواع الأسئلة، وأن يبتعد عن التدخل الزائد أو فرض أرائه أو التسلط فى سير النقاش.. 

 

كما تتطلب معرفة المعلم بالمتعلمين وخبراتهم السابقة، وأن يكون على درجة كبيرة من الخبرة والثقافة والمرونة في طرح الأسئلة حول المادة العلمية، كما يجب أن يتقن المعلم فن توجيه النقاش والحوار حتى يستطيع أن يكتشف وجهات نظر المتعلمين وأفكارهم.. 

 

وعليه أيضًا أن يدرب الطلاب المتحاورين على إتقان هذا الفن تدريجيًا، وأن يعلمهم كيف يفهمون أنفسهم ويفهمون آراء الآخرون، فإما يقبلون، أو يرفضون، أو يوفقون بين آرائهم للوصول إلى وجهة نظر جديدة أشمل، وهكذا ينتهى التعارض بين آرائهم إلى التوافق.

 

فن طرح الأسئلة

ونظرا لأن طريقة المناقشة تحتاج إلى وقت طويل في العرض، حيث يمر الدرس ببطئ فهى تحتاج إلى معلم جيد يمتلك مهارات التدريس وقيادة المناقشة وإدارة الموقف التعليمى لكى يشارك أكبر عدد من المتعلمين، كما يجب أن يتمكن المعلم من فنون ومهارات طرح الأسئلة مثل:


أن يكون السؤال واضحًا وبسيطًا وصحيح الصياغة اللغوية.. أن يتناسب السؤال مع قدرات الطلاب وخصائص المرحلة العمرية لهم، ويراعى خبراتهم السابقة.. أن يثير السؤال تفكير الطلاب وتفاعلهم. أن تكون هناك علاقة بين تسلسل طرح الأسئلة حتى يكون هناك تتابع فى الدرس.. 

 

وأن توزع الأسئلة على المتعلمين توزيعًا عادلًا.  أن يكون السؤال مرتبطا بموضوع الدرس، وأن تنّوع الأسئلة لربط الدروس السابقة بالدروس الجديدة. أن يتناسب السؤال مع الهدف الذى وضع لقياسه.


وعلى المعلم أن يتناول شرح الدروس ذات الموضوعات والقضايا الخلافية بشكل حوارى نقدى وليس نقلى، وأن يبدأ بما لدى الطالب من معلومات وخبرات ومعارف سابقة ثم يبنى عليها، من خلال توجيه نشاطه فى فهم موضوع الدرس الجديد مستخدمًا أسئلة متنوعة هدفها إثارة المعرفة السابقة.

 

شروط نجاح طريقة الحوار والمناقشة

ولكى تنجح طريقة الحوار والمناقشة فى تحقيق الأهداف المرجوة يجب أن يراعى المعلم مجموعة من القواعد والمبادئ منها: الاهتمام بجميع المتعلمين وعدم توجيه السؤال إلى متعلم بعينه.. تحديد هدف المناقشة وموضوعها.. إعداد الأسئلة إعدادًا جيدًا ومن النوع السابر.. ألا يقاطع المعلم المتعلمين وأن يكون موجهًا ومرشدًا لهم.


وألا يجيب عن الأسئلة قبل المناقشة الفعلية، حتى لا يفهم المتعلمين أن المعلم هو مصدر المعلومات والإجابات.. منح المتعلمين الوقت الكافى للإجابة عن الأسئلة والتفكير فيها.. مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين عند طرح الأسئلة.. 

عدم السخرية من المتعلمين الذين لا يمتلكون مهارة التعبير عن رأيهم.. توجيه الطلاب إلى أن أن يكون النقد للأفكار وليس للشخص الذى يطرحها.. الاهتمام بكتابة عناصر الموضوع على السبورة.. تعزيز إجابات الطلاب السليمة حتى لو كان التعزيز بالمدح والثناء أو التعزيز المادى.         

ونستكمل طريقة الحوار والمناقشة في المقال المقبل إن شاء الله.

الجريدة الرسمية