رئيس التحرير
عصام كامل

تصفية حسابات من زمن فات؟!

شهر يونيو قبل 10 أعوام شهد الإطاحة بالإخوان من حكم مصر بعد عام بائس من حكم جماعة لا تعترف بالأوطان ولا بحدودها وترابها.. بل ترى من يخالفها الرأي والفكر خصمًا أو عدوًا حتى ولو كان من بني جلدتها.


الأدهى والأمر تلك الرغبة العارمة التي أبداها الإخوان في تصفية الحساب مع كل من اختلف معهم حتى ولو كان من التيار ذاته.. وقد ذقت مثل كثيرين غيري مرارة التعنت والتنكيل والاتهامات الباطلة بغير دليل والجرجرة لجهاز الكسب غير المشروع تارة، ونيابة الأموال العامة والمحكمة تارة أخرى لا لشيء إلا لأني كنت رئيسًا لمجلس دار التحرير للطبع والنشر (الجمهورية) في أخريات حكم  مبارك، وكانت هذه الصفة وحدها تكفي في نظر الإخوان لاستهدافي ببلاغات تأكدت كيديتها ببراءتي من كل ادعاء بحكم المحكمة.


ورغم أنني بادرت طوعًا بتقديم استقالتي بعد ثورة يناير 2011 وأصررت عليها فقد رفض غيري من قيادات الصحف القومية ترك موقعه.. وكانت قناعتي هي أن الميدان يطالب بتغيير القيادات الصحفية والإعلامية فكيف نبقى في مناصبنا ونتحدى إرادة الناس.. ولم تكن استقالتي هروبًا من المسئولية كما رأى البعض، ولا تراجعًا عن المواجهة بل كانت قراءة استباقية لمشهد ملتبس ومضطرب لم يكن لأحد أن يتنبأ بمساراته، فضلًا عن عواقبه ونهاياته!


وفي اجتماع حاشد دعا إليه رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق مع القيادات الصحفية والإعلامية.. قلت بوضوح إن هذا عصر جديد ينبغي أن تعبر عنه أصوات مختلفة بمفردات وآراء وطموحات ودماء جديدة.. ووقتها طلب منا الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء والمسئول عن ملف الصحافة في وجود رئيس الوزراء ترشيح من يخلفنا في قيادة المؤسسات الصحفية.

 

وقلت إنني بدوري أطالب الجميع بأن يحذوا حذوي بتقديم الاستقالة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير البلاد.. لكن القيادات الصحفية تمسكوا بالبقاء في مواقعهم، باستثناء الزميل الكاتب الصحفي عبدالقادر شهيب رئيس مجلس إدارة دار الهلال الذي وافقني الرأي واتخذ القرار ذاته في التوقيت نفسه.. ويومها تساءل الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام حينئذٍ: كيف نستقيل؟! 

 

فرد عليه الفريق شفيق: سهلة تتقدم  بطلب استقالة!.. وبعد شهرين من هذا الاجتماع تم الإقالة الجماعية لكل هؤلاء القيادات الصحفية!


ورغم تقديم استقالتي فلم أتخل عن دعم مؤسستي بل بذلت ما أستطيع من جهد لدعمها، حتى إنني اتصلت وقتها برؤساء المؤسسات الصحفية، وأكثرهم أحياء يرزقون، وقلت لهم: لقد طلبت أنا والزميل عبد القادر شهيب اجتماعًا مع وزير المالية للحصول على دعم للمؤسسات الصحفية القومية من صندوق الطوارئ الذي خصصته الحكومة لمساعدة مؤسسات الدولة في هذه الظروف الصعبة، وبالفعل استجابت وزارة المالية لطلبنا وبادرت أثناء الاجتماع بإيداع فوري لمبالغ الدعم في حساب المؤسسات القومية في البنوك. 


البعض ادعى أنني هربت من الميدان بتقديم الاستقالة.. لكنني كنت راضيًا تمامًا بما أفعل؛ فالمزاج العام للشارع كان يؤيد هذه الاستقالة ليس رفضًا لشخصي بل لكل من ارتبط بحكم مبارك.. والدليل أن إقالة جماعية أطاحت بكل القيادات الصحفية بعد شهرين اثنين من تقديم استقالتي.

 


طاردني الإخوان ومعي 600 صحفي وقيادة صحفية، بسيل بلاغات كيدية لجهاز الكسب غير المشروع رغبةً منهم في تصفية الحسابات وتمت تبرئتي منها كلها بحكم محكمة رغم الحجز المؤقت على أموالى وأموال أسرتي بالبنك دون أي ذنب.. فماذا كسب الإخوان من جرجرة القيادات الصحفية للمحاكم؟!

أحمد الله الذي لا يرضى بالظلم.. فما أجمل أن ترعاك عناية الله وتمتد إليك لتدفع عنك كيد الخصوم وشماتة اللئام وأذى الأشرار.

الجريدة الرسمية