نحن نعالج الأعراض لا المرض!
البنك المركزى يفكر في طرح ودائع دولارية بفائدة 10 في المائة أمام المصريين العاملين والمقيمين بالخارج.. هذا اقتراح قد يسهم في جمع كمية من الدولارات من المصريين بالخارج لتعويض النقص في تحويلاتهم خلال الشهور الأخيرة.
وهو اقتراح من نفس نوعية اقتراح سابق تم تنفيذه وهو إعفاء العاملين من الخارج من جمارك السيارات التى يجلبونها معهم من الخارج مقابل إيداع ما يساوى قيمة الجمارك لبعض الوقت.. كما لا يختلف هذا الاقتراح أيضا في الهدف عن رفع معدل الفائدة عدة مرات حتى يمكن الحفاظ على بعض الجاذبية للسوق المصرفي المصري في جمع قدر من الأموال الساخنة..
أى إنه اقتراح مثل ما سبقه من اقتراحات وإجراءات سواء اتخذها البنك المركزي أو الحكومةَ تتعامل مع أعراض المرض الاقتصادى وليس مع المرض ذاته!
إننا نعانى بشدة من فجوة في النقد الأجنبي، وبدأت هذه المعاناة بعد خروج كل الاموال الساخنة لدينا دفعة واحدةَ العام الماضى.. وزاد من حدة الأزمة أن ذلك حدث في عام زادت فيه أيضا أعباء الديون الخارجية، وسوف تظل هكذا حتى العام القادم..
لكن هذه الفجوة في النقد الاجنبي هى نتيجة وليست سببا لمشكلتنا الاقتصادية.. أصل مشكلتنا الاقتصادية أننا نستهلك أكثر مما ننتج، وبالتالى نستورد أكثر مما نصدر.. والحل أن نتخلص من هذا الخلل المزمن بالعمل على زيادة الإنتاج ليتوازن مع الاستهلاك، وإذا تحقق لنا ذلك سوف نتخلص من فجوة النقد الأجنبى والشح في الدولار والذى أدى إلى انخفاض في قيمة الجنيه.
لكن هذا الحل يحتاج إلى وقت وسياسات تأخذ بأيدى المنتجين واستقرار في الاسواق، ومن بينها سوق العملات.. ولذلك نحن نحتاج وبشدة أن نتقشف، أى نخفض ما نستهلكه، خاصة المستورد من الخارج لتخفيض انفاقنا من النقد الاجنبي.. والذى يتعين أن يقوم بذلك الحكومة وليس البنك المركزى لنرفع ضغوط المستوردين عليه والتى يستغلها تجار العملةَ فى المضاربةَ على الجنيه. وإذا حدث ذلك لا بأس من تخفيف حدة أعراض الأزمة باقتراحات مثل الودائع الدولارية مرتفعة الفائدة.