يا معيط يا معيط.. إننا نعيط يا معيط !
جانب كبير من دراما الحياة السياسية في مصر غائب الآن لغياب البث المباشر لجلسات البرلمان المصرى، ومن ثم فإن أخبار بطولات النواب والشيوخ تصل إلى الناس عبر قوانين تمثل احتياجات الحكومة بأكثر مما تعكس تمثيل البرلمان لمن انتخبوه، وجعلوه ناطقا باسمهم، معبرا عن مصالحهم.
ليس ثمة مبالغة في أن برلمان مصر هو الحاضر الغائب، وليس الغائب الحاضر، وأن الشعور العام هو أن هذا البرلمان بغرفيته يحنو على الحكومة بأعمق مما يحنو على الشعب، فهو يراها حكومة مجتهدة، باحثة طول الوقت عن ايرادات إضافية تنفقها فى الاحتياجات العامة، ولا ترى هذه الحكومة مصدرا لسد أوجه الاحتياجات إلا جيوب المواطنين.
غدا يبدأ البرلمان المصرى جلساته من العاصمة الادارية الجديدة، مبنى فخم مهيب يليق بتاريخ عريق للحياة النيابية في مصر، منذ بدأها الخديو اسماعيل عام 1866، فهناك إذن مقر جديد، ونتمنى أن يعكس على المنتقلين جدته ورونقه وجمال تصميمه وتأثيثه، فلا تنسهم عظمة السكن الجديد أن كيلو اللحم يناهز 400 جنيه، وإن ثلاثة آلاف جنيه مرتب مواطن قيمتهم ثلاثة كيلو لحمة ومثلهم فراخ وبضع زجاجات زيت ورفايع أكل وشرب!
الضرائب والأسعار
لماذا نقول هذا؟ لان السيد وزير المالية دكتور محمد معيط لم يعد يبصر الإ جيوب الناس، والعجيب أنه يراها ممتلئة، فيصر على مزيد من الضرائب، فتحالف أسلوبه في الجباية مع تجار برهنت الحكومة أنها أضعف من أن تلاحقهم وأن تكبح جشعهم.
لن نصرخ من جديد، فقد صرخنا بمافيه الكفاية طيلة العام الماضي ونصف هذا العام، ومع الزيادات التى أمر بها الرئيس، فإن قفزات الأسعار الجنونية التهمت مازاد علي الدخول، وهو أصلا ناقص، ولا يكمل بضعة أيام من الشهر!
لن نصرخ ولن ندعو علي تجارنا بأن يعاقبهم الله عقاب الظالمين، لكن نكتب اليوم، لنحذر وننبه، من أن الناس فاض بهم، وأن بالصدور غليانا، وأن إحساسهم بملاحقة التجار والحكومة لهم يدفعهم إلى الانفجار وهو ما نخشاه. المفروض أن هذه حكومة تتمتع بالمواءمة السياسية، وأن فيها من يعقل الأمور، ومن يبصر الخماسين تتجمع عند خط الأفق، وساعتها لن تجدي التنازلات، كما حدث من قبل!
ورغم أنى أبغض اسم كفاية لارتباطه بتأليب الناس قبيل الخامس والعشرين من يناير 2011، إلا أنها لاتزال الكلمة المناسبة لكي تدرك الحكومة أن كفى ضغوطا على الناس. إن المواطن يتعامل مع الأسعار تعامله مع شخص مجنون صاحبه عاقل. وأن الكل يشكو، وأن الكل يئن، وأن الطبقة المتوسطة افتقرت بفعل فقر خيال هذه الحكومة.
يواجه المصريون محنة ماذا ناكل وبكم. هل يفهم معيط معنى هذا السؤال اليومي، توجهه الزوجة المصرية لزوجها العاجز ماديا بفضل الاقتطاع المستمر من دخل زهيد في المقام الأول؟
لوجه الله، ومن أجل هذا البلد الذي نموت لنحميه ونفتديه، انتبهوا لما ترصده الأجهزة عن اتجاهات الرأي العام، ولا تتجاهلوها، فقد تجاهلوها من قبل ودفعنا الثمن ولا نزال فادحا.
يا مدبولي، قل لمعيط كفى تنقيبا في جيوب الناس، إنها خاوية، ومرهم بأن يبحثوا عن حلول خلاقة لايجاد موارد.. كان الناس قبل عامين لكثرة المشروعات يتساءلون: هم بيجيبوا الفلوس منين؟ اليوم يتساءل الناس: هم ودوا الفلوس فين؟
سؤال المحاسبة هذا يطرحه الناس عادة مع ضيق ذات اليد، وضيق الصدور، وغياب المسئول، برلمانا وحكومة.. انتبهوا الغضب يتراكم..