رئيس التحرير
عصام كامل

نتكلم ويفعلون.. القدس تضيع!

عقدت الدول العربية قمتها الثانية والثلاثين تحت مظلة الجامعة العربية بحضور ممثل أمريكا الهزلي زيلنسكي، واتخذت القمة العربية قرارات مماثلة لـ٩٠ ٪ من القرارات التى صدرت عن قمم مماثلة، أبرزها دائما أن القضية الفلسطينية تبقى قضية العرب المركزية وتظل الألم القومي الذي لايهدأ، وأن الاقصى خط أحمر..

 

ومع تكرار مثل هذه التأكيدات، فإن بقية التوصيات والقرارات لا تعدو أن تكون تأكيدا على التعاون والتنسيق والمتابعة، ثم يقع ذلك الصمت الرهيب، كأن لم تقع قمة عربية، ويمر الوقت سريعا فتبدأ الثرثرة الإعلامية عن القمة الثالثة والثلاثين.. التى نتمنى أن يتحول شعارها من التجديد والتغيير إلى الحسم والتحرير!

 

حسنا لقد انعقدت قمة جدة إذن، وأفضل ما فيها عودة سوريا الشقيقة إلى الحضن العربي، بعد اضطرار لعشر سنوات وأكثر ارتمت فيها دمشق في الحضن الفارسي، والروسي، برهنا إنهما أكثر دفئا من حضن فيه خنجر عربي!

القمة العربية والتحدى الإسرائيلي


ما علينا، المهم أنهم عادوا وأنها عادت، وأن القمة انعقدت، وحل الصمت التقليدي، ولم تمض ثمانية وأربعون ساعة على فض القمة، حتى تحدت حكومة المتطرفين في إسرائيل برئاسة ايتمار بن غفير المتطرف المتعصب، وزير الامن القومي الاسرائيلي الحاكم الفعلي، وليس نتنياهو، اجتماعها.. أين؟ في نفق تحت المسجد الأقصى، تحت حائط البراق، نفق مجهز كأنه غرفة اجتماعات كبرى لمجلس وزراء بصفة دائمة !


من تحت الارض المقدسة، تحدت الحكومة الاسرائيلية قرارات القمة العربية، وبعد ثمان واربعين ساعة تقريبا، باعلانها أنها لن تتوانى عن مواصلة تهويد القدس وإتمام مشروع الضم الذي بدأته قبل 56عاما.

 

كان صوت التحدى اليهودي عاليا، وردت بريطانيا تؤكد أن للأردن وحدها حق الوصاية وادارة الاماكن المسيحية والإسلامية المقدسة، ورفضت تركيا الإجراءات الإسرائيلية، وردت مصر رافضة.

 

هذا التحدي الصارخ لزعماء 22 دولة عربية ليس جديدا ولن ينتهى، فقد اختبرونا الاف المرات، وسيواصلون ابتلاع ما تبقى من أرض في الضفة، وفي القدس، وسيطوقون غزة حتى تحتضر جوعا واحتياجا وتظل نهبا لفصائل يجمعها بالتنادي، إلقاء صواريخ فيها من الصوت أكثر مما فيها من الموت!

 

نحن أمة تحب مضغ الكلمات الرنانة، المرابطون، المجاهدون، الصابرون، المقاومة حتى الموت، ألا توجد مقاومة حتى النصر؟! أما اليهود فيفعلون.

باجتماع الحكومة الارهابية في نفق مجهز تحت المسجد الاقصى، تؤكد اسرائيل هوية الصراع، وأنه حرب أديان وقودها عرب يتكلمون ولا يفعلون، بل يوغلون في الطبطبة وفي التطويع والتطبيع!

 

 

على القمة العربية أن تؤكد أن حريتها وشجاعتها في إعادة احتضان سوريا رغم أنف أمريكا، لا تقل عن حريتها وشجاعتها في إعلان موقف عربي اسلامي جماعي غاضب يكبح جماح حكومة يهودية متعصبة لا ترى للعرب والمسلمين، ناهيك عن الفلسطينيين، مكانا في القدس، ناهيك أيضا عما تبقى من الضفة!
قمة الكلام عربية، وقمة الفعل يهودية، وتلك هي المأساة الدائمة.

الجريدة الرسمية