صلوا على النبي.. صلوا
من التزيد، ومن الترخص معا، الطعن على دعوة صدرت عن وزارة الأوقاف لأن تتجه طوعا لقلوب وألسنة جموع المسلمين في مصر، نحو رب السموات والأرض، قد خشعت حروفهم إذ تهتف بالصلاة على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. الصلاة على النبي عقب صلاة الجمعة غدا..
فى وقت واحد، فى كل مساجد وزوايا وأركان مصر، دعوة محمودة، وفيها استشفاع للرسول عند رب العالمين، أن يحفظ هذا البلد، وأن يفتح عليه أبواب الخير، وأن يفك كرب الأمة، وأن يزيح عن كاهلها من سرق ويسرق، من فسد ويفسد، من ضل ويضلل، باسم الإسلام ذاته! من العبث، والترخص اعتبار الدعوة إلى الوقفة المليونية قرارا حكوميا لمجرد أنه صادر عن وزارة في الحكومة شأنها شأن ديني.
ووالله لو كان نداء الأوقاف مجرد قرار أصدرته الحكومة ما اجتمعت الأمة على الاحتفاء به والتهيؤ له، وانتظار الغد الجمعة للمشاركة في فرحة مليونية تدق فيها قلوب الملايين الخاشعين دقا، وتخشع الأبصار خشوعا، إذ تتضرع، إذ تصلي، إذ تسترضى الله، إذ تتوسل بحبيب الرحمن، إذ ضاقت علينا وعلى الحكومة السبل..
ووالله لو كانت قرارا يبغضه الناس ما أطاعوا، ولانصرفوا عنه وعمن أصدره، ولتعاملوا مع أمر لا يريدون، أو يشق عليهم، أو يرونه عبثا، بإعطاء الظهور وتجاهل الأمور، وللبثت الحكومة توذن في مالطة وحدها، لشهور دون مجيب.
كأنها صلوات العيد
من المفارقات أن احتفى العابثون الداعشيون في الأيام الغابرات لحكم الإخوان بمليونيات قندهار والغضب والخراب والتخلف والتخريب والخنوع لوهم الخلافة، واليوم نحتفى بمليونية الحب والوصال لجموع المسلمين المصريين، نصلي فيها على رسول الله وآله وصحبه، وندعو الله أن يتقبل شفاعة حبيبه الرسول الكريم لنا وللمسلمين أجمعين والبشر كلهم.
نحن في محنة حياة، وفى ضيق عيش، وتقتير رزق، وقلة قرش، ومع ذلك فإن الستر سابغ، والشبع قائم، وإذ نسترضى الله جماعة، إذ نستشفع الرسول، بإذن الله وحده، فمعنى ذلك أننا نستشعر الخوف، ونفتقد الأمان، تتكالب علينا الأمم، ويمزق فينا المفسدون، ويأكل لحمنا تجار، استباحوا الحرام في اللحوم، لحم المواطن ولحم الوطن.
إدراك المصريين أنهم بحاجة إلى استشفاع النبى، يعني قبولهم فكرة أنهم مقصرون، وأن المتشددين سقطوا وأنهم كانوا مجرد مظهر خادع ضلل الناس ولم يهدوهم! عقب صلاة الجمعة غدا، ونظن أنها ستكون أكثر الجمعات احتشادا، كأنها صلوات العيد، سنصلي، نحن الملايين على النبي محمد بن عبد الله وآله وصحبه، وسنفعل ذلك بحرارة المحتاج المضطر، وسنفعله بحرارة المحب العاشق، وسنفعله بشغف المسكون بعشق آل البيت.
سنفعل هذا كله.. غدا عقب صلاة الجمعة.. لدقائق، لكن ماذا بعدها ؟ هل سنتطهر من السرقة والفتنة والكذب والتسلط وهوى النفس الحاكمة؟ أم هي دقائق مظهرية؟
العبرة بسلوك الناس بعدها.. ناس جدد أم وحوش متناحرة متنافرة كما هي الآن؟