رئيس التحرير
عصام كامل

كن لله تعالى عبدا

قد يغفل البعض عن أنه عابر سبيل في هذه الحياة وأنه مفارق لها وخارج منها وأنه على موعد بلقاء ربه تعالى وواقف بين يديه عز وجل ومحاسب على ما قدمت يداه، فمنذ لحظة الميلاد إلى لحظة نهاية الأجل أنت في رحلة ارتحال وإقبال على الله تعالى ومع كل نفس تتنفسه تقترب من نهاية أجلك ولقائك بربك وإلى هذه الحقيقة أشار الله تعالى بقوله: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ"، فماذا أعددت لهذا اللقاء؟ 

 

عندما ينتهي الأجل وسينتهي عاجلا أو أجلا تخرج من كل دنياك من مالك وأهلك وأحبابك ومن سلطانك وجاهك ونفوذك إن كان لك هذا من قبل وأول ما يفارقك اسمك ويقال عنك الأمانة أو الجنازة أو المرحوم، وأول من يعجل بدفنك أقرب وأحب الناس إليك ويقال إكرام الميت دفنه والحي أبقى من الميت، وبعد تغسيلك وتكفينك والصلاة عليك يتم دفنك ويغلق عليك باب قبرك ويمكث عندك المشيعون دقائق ثم يتركونك وحيدًا.


عند ذلك يناديك ربك ومولاك سبحانه كما جاء في الأثر ويقول لك: "عبدي حملوك وجاءوا بك وتركوك ولئن بقوا معك ما نفعوك ولم يبق لك إلا أنا فهل جئتني بالصدق حتى آتيك بالوفا".. تذكر هذا الموقف جيدًا وكن من أهل الصدق في القول والفعل والعمل، أنت في رحلة حياتك ما بين رزق مقسوم لا حيلة فيه فأعمل على أن يكن من حلال، وبين أجل محتوم لا مفر لك ولا مهرب منه.


استقامة وطاعة

وأنت لا تدري كم هو، فاجعل عمرك في استقامة وطاعة وعمل الخير، حتى تكن من أهل السعادة والفوز والنجاة، تذكر أنك سوف تعود إلى ربك كما كانت بدايتك في هذه الحياة فقد ولدت عريانا ضعيفا لا حول لك ولا قوة لا تملك لنفسك نفعًا ولا ضرًا ولا أي شيء، كذلك سوف تعود عريانًا ضعيفًا لا حول لك ولا قوة ولا تملك لنفسك شيئًا، فاعمل على أن تكن لله تعالى حبيبًا حتى تسعد عند اللقاء.


تذكر أنك في هذه الدنيا في دار الاختبار وكأنك في لجنة وتجيب عن الأسئلة.. وما دام وقت اللجنة لم ينته الحق صحح أخطاءك وراجع ورقتك وحاسب نفسك من قبل أن تحاسب، الصاحب ساحب إما للخير وإما للشر وإما للجنة وإما للنار، فابعد عن الأشرار وصاحب الأخيار، والصاحب هو من يصطحبك على طاعة الله وهو الذي إذا ذكرت الله أعانك وإن غفلت ذكرك، والصديق من صدقك في نصحه وتذكر قول الله عز وجل: "الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ".


تذكر أن الدنيا سوق فيه بيع وشراء ومكسب وخسارة، والخسارة في الدين أشد من الخسارة في الدنيا، فتاجر بالله ومع الله حتى تكون من الكاسبين وليس من الخاسرين، تذكر أن عمرك هو أنفاسك وهي معدودة محسوبة فلا تهدرها في معصية وغفلة حتى لا تكن من النادمين.
 

 

وفي الختام، تذكر الموت والحساب والجنة والنار وإياك أن تغفل وتأخذك نفسك بغرورها وتنسى حقيقتك وهي أنك عبد مملوك لله لا حول لك ولا قوة  بدايتك نطفة ونهايتك جيفة، وتحمل في بطنك العذرة فلا تتكبر ولا تتجبر ولا تتعالى وكن لله عبدًا.

الجريدة الرسمية