عشنا ورأينا.. إسرائيل تتوسط بيننا!
نحن جيل عاش زمنا طويلا وإسرائيل تمثل له العدو.. ولكنه عاش ليرى إسرائيل لا تطبع علاقاتها فقط مع العرب وإنما تعرض التوسط بين العرب الذين يتصارعون عسكريا!.. وإنه لتحول كبير وضخم يعجز العقل السوى على استيعابه!
إنه يعنى ببساطة أن عدو الأمس الذى خضنا حروبا ضارية معه صارت تربطه علاقات قوية ووثيقة بين الفرقاء منا، أتاحت له أن يعرض التوسط بينهم لوقف الاحتراب والصراع العسكرى بينهم..
وبالطبع لم يحدث ذلك بين ليلة وضحاها وإنما احتاج لوقت ممتد وجهد اسرائيلى كبير كان يمنحها يوما بعد الآخر نفوذا في أوساطنا ودولنا وتأثيرا علينا.. وفى المقابل حدث نتيجة فقداننا البصيرة.. فنحن نتقاتل بين بعضنا البعض ونسيل دماءنا بأيدينا وعدو الأمس يعرض علينا المساعدة لننقذ أنفسنا من هذا التقاتل!
يالله.. هل يمكن استيعاب ذلك؟.. من سعد بانخراطنا في اقتتال بين بَعضُنَا هو الذى يعرض التوسط علينا لوقف هذا الاقتتال!.. وهل سيكون وهو المستفيد من صراعاتنا وعدم استقرارنا لإنه يضعفنا وسيطا نزيها.. أم أنه سيمارس دور الوسيط لكى يزيد الصراعات حدة، أى ليؤججها ويلهبها؟!
إن من ينتمى لجيلى الذى شهد العدوان الثلاثى وحرب يونيو وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر والاعتداءات التى لا تتوقف على الفلسطينيين واحتلال لبنان وسوريا لا يستطيع استيعاب أن تكون اسرائيل وسيطا بيننا نحن العرب.. لكن للأسف هذا ما فعلناه بأنفسنا على مدى عقود ماضية.. قاتلنا بعضنا البعض في الوقت الذى استجبنا فيه إلحاح اسرائيلى مشفوع بضغوط أمريكية لتطبيع العلاقات مع عدونا السابق.. لقد أضعفنا أنفسنا بأيدينا وسواعدنا وما زلنا نقوم بذلك.. وما نشاهده في العديد من الدول العربية ينطق بذلك بشكل صارخ.. لنا الله.