التهدئة !
التهدئة دائما تكون الهدف الأول لكل من يسعون لاحتواء صراع عسكرى اندلع.. وهو يعنى استبدال الحوار الدائر بالسلاح بحوار آخر بلا سلاح على موائد التفاوض للتوصل إلى تسويةَ سياسية.. ورغم أن التهدئة لا تعنى إنهاء للنزاع المسلح وإنما هى وقف مؤقت للاقتتال إلا أن الوصول لها ليس بالأمر الهين أو السهل المنال، والوصول إليها يحتاج دوما إلى جهد كبير من وسطاء مقبولين من أطراف النزاع المسلح..
ويملكون قدرة على التأثير والإقناع وطرح البدائل والمقترحات المختلفة التى تلقى قبولا من المتنازعين، وإليهم خبرات سابقة في لعب هذا الدور، فضلا عن أن لديهم أيضا مصلحة في وقف الصراع المسلح.. وفي النزاع المسلح الواحد قد نجد أكثر من وسيط يسعون لاحتواءه، بعضهم صادق وبعضهم يتظاهر بذلك فقط، لانه يتمنى استمرار هذا الصراع ويجد أن ذلك يحقق مصالحه، أو يخفى بوساطته إنحيازا لأحد أطراف الصراع.
والوصول إلى تهدئة في أى صراع مسلح يحتاج لجهد كبير من هؤلاء الوسطاء ومفاوضات شاقة مع أطراف الصراع الذين يأملون كل من جانبه في حسم النزاع لصالحه بالقوة وباستخدام السلاح، ولذلك لا يكونون عادة في بداية الصراع العسكرى متحمسين لوقفه.. إنما تتهيأ الظروف المناسبة للتوصل إلى تهدئة بعد أن يشعر المتصارعون بالإنهاك، ويدركون صعوبة حسم الأمر عسكريا لصالحهم، لذلك يقبلون وقتها بالتهدئة..
وأحيانا يقبل المتصارعون بالتهدئةً للحصول على فترة راحةَ أو هدنة من الصراع العسكرى يعيدون فيها ترتيب أوضاعهم العسكرية على الأرض ودعم قواتهم بالإمدادات مجددا استعدادا لخوض جولة أو جولات جديدة من الصراع العسكرى الذى قد يتحول إلى صراع مزمن ودائم.
ومع إدراك الوسطاء الجادين والصادقين الساعين للتوصل إلى تهدئة لذلك كله إلا أنهم لا يفقدون حماسهم للعمل من أجل تحقيق هذه التهدئة حتى ولو كانت تهدئة مؤقتة وليست دائمة ومعرضة للانتهاء، حينما يعود المتصارعون إلى الاحتكام للسلاح مجددا. فهم يعملون بجدية للتوصل إلى تهدئة للصراع المسلح لأنهم يجدون في ذلك تحقيقا لمصالحهم وحماية لأمنهم القومى.