ترجمة المسلسلات المصرية إلى العربية
نتابع بحكم الشغف، والهواية، من جانب وبحكم المهنة، من جانب آخر، الأعمال الدرامية، وبخاصة في شهر رمضان الكريم، ويمكن القول إن التعرض بالنقد لعدد منها واجب، لبيان القوة والضعف، وهذا حق للأعمال التى تستحق، ومسئولية على الناقد، والمتذوق، والممارس للكتابة بشقيها الأدبي والدرامي، وأزعم أن لي فيها جميعها نصيبا وافرا.
ونبدأ بمناقشة ظاهرة باتت واضحة وعامة في معظم المسلسلات هذا العام، استمرارا لنفس الظاهرة المزعجة منذ أن بدأ الممثلون المصريون، في معظمهم يتكلمون من بطونهم، يخرجون فحيحا ووحوحة، وهو ما انتقدناه في العام الماضي، وللأسف الشديد، لا يزال هؤلاء الموحوحون الفحاحون يمثلون، فلا نسمع منهم شيئا، ونفقد التواصل مع الأحداث، ونفر فرارا من المسلسل.
الصوت والأداء الطبيعي
عدم سماع الصوت إرث قديم في السينما المصرية. بالطبع تقدمت التكنولوجيا وحصل الفنانون حاليا علي مايكات شديدة الحساسية، يمكنها أن تلتقط صوت حركة الأمعاء وتبثه، لكن المشكلة تكمن في أن الجيل الحالي من الممثلين، غالبا، لم يعرف قواعد اخراج الألفاظ، والحروف، بل يرى ان الاداء الطبيعي هو أن تفح، وأن توحوح، وأن تتكلم من بطنك !
معظم الناس يكتبون علي المواقع والصفحات ان هناك مشكلة في السمع، وظن كبار السن أنهم بحاجة إلى سماعات داخلية، فلزموا الصمت حتى لا يشار إليهم همسا بضعف السمع بسبب الكبر، لكنهم انبسطوا حين وجدوا الشكوى من أعمار اقل، شبابا وكهولا، يقولون ان الصوت قد ضاع بين موسيقى تصويرية أعلى ضجيجا من أصوات الممثلين، وأن أصوات هؤلاء مقلوبة إلى أمعائهم !
هل يترك المخرجون ممثليهم على هذا النحو، أم هو توجيه، أم موضة لم نسمع بها ولا شاهدناها، ونحن متابعون جيدا لكل مدارس الاداء الدرامي، فلم نر ممثلا يأتي بصوت من مصارينه، يكتمه على حافة شفتيه، ويبخ نثرات من ريقه علي الكاميرا؟!
تعلموا من الممثل السوري جمال سليمان، والنجمة نيللي كريم، والنجم كمال أبو رية وجمانة مراد، وندي موسي، وفريدة سيف النصر، ورمزي العدل بصوته الفخيم الرخيم المتأني، في مسلسل عملة نادرة. مدرسة ممتعة في النطق والأداء.
يوجد حل ناجح لهذه النقيصة المبتدعة في الدراما المصرية لدي عدد لا بأس به من فنانينا، بل يوجد حلان ناجحان، أولهما اعادة تلقين هؤلاء فن النطق السوى وإشباع الحرف حقه، فإن فشلنا فالحل الثاني قد يبدو غريبا لكنه معمول به في الدراما اللبنانية، الثمن وحتى الموت وغيرهما، ومعمول به على استحياء في مسلسل المداح.
ترجموا لنا إلى العربية ما ينطق به ممثلونا من كلام بالعربية! ترجموا لنا العربية المخنوقة صوتا إلى العربية المكتوبة الجلية، ترجموا لنا النص لنفهم، لنتابع، لنستمتع، ودعوا الثعابين تفح براحتها، وهذا عار لو تعلمون كبير!