المهندس الذي يقتلنا على الطرق!
يقدر الناس بالتأكيد ما تفعله الحكومة، وبالذات وزارة النقل والمواصلات، في مجال انشاء الطرق، وتوسيعها، وسفلتتها، وعمل كباري تعلو فوق المخانق المرورية، والتجمعات السكنية، وما إلى ذلك.. إلى هنا ويتوقف التقدير!لماذا؟ لأن من يجعل الطرق مصائد موت، إما مهمل أو متعمد، أو متقاعس، أو بلا ضمير.
وحيث أنه لا يجوز وصف الحكومة بالاهمال ولا يصح، ولا يجب وصفها بفعل القتل العمد ولا يجوز، كما لا ينبغي أن تتهم بالتقاعس ولا غياب الضمير، لأنها في الحقيقة حكومة شغالة وصاحبة انجازات، لكن عوارها الأبرز يكمن في مجالين قاتلين يبددان كل مجهودها الانشائي..
وهما: غياب القدرة علي علي قمع جشع التجار وردعهم واظهار حضورها الفاعل وقبضتها الثقيلة لأن ما يفعلونه بالشعب، مهما كانت المبررات، يرقى إلى جرائم الإرهاب. فإذا كانت الفوضى هى وسيلة الارهاب، فالسخط هو أداة التجار الجشعين، والهدف النهائي تأليب الناس على الدولة!
أما المجال الثانى فهو فوضى الطرق والمرور، والمرور ليس مجرد جباية متشحة بكاميرات تتصيدك لتستولي شرعا على جنيهات معدودات فقدت نصف قيمتها تقريبا، بل المرور طرق سلسة سهلة بلا حفر وبلا أغطية فوق بالوعات سرطانية ناتئة، ولا ألسنة خرسانية ممدودة كالثعابين، تداهمك لا قدر الله وسط العتمة علي الطريق دائرى أو اوتوستراد أو اسكندرية الصحراوى.
وحيث أننى كنت من ضحايا هذه الألسنة الإسمنتية القاتلة، ونجوت من الموت باعجوبة ومازلت أعاني من تكلفة اصلاح السيارة، وتوالت بعد ذلك، وقبلها بالطبع، حوادث دخول السيارة بسرعاتها في سيف أسمنتى يبقر بطن وعفشة السيارة وترتطم بالأسمنت، ويتعرض السائق للموت المحقق..
وحيث أن هذا المكان، من منصتنا النافذة "فيتو" شهد صرخات قلمي وقلم غيري، عدة مرات، تستصرخ الحكومة أن تسرع بانارة الطرق عند هذه الافخاخ القاتلة، أو وضع ألواح كاشفة تسطع بالضوء العاكس لتنبه قادة السيارات قبل الاقتراب بوقت معقول يسمح لهم بالمناورة وتفادي المصيدة المميتة..
إننى أتصور أن يبادر الناس للقيام بما لا تفعله الحكومة، بما تقاعست عنه وزارة النقل، بما أغمضت عينيها عنه هيئة الطرق والكبارى. أدعو إلى العمل الأهلى بأن يتبرع الأهالي عند كل قطاع علي الدائرى أو الطرق السريعة، طريق السويس القاهرة والاسماعيلية القاهرة وغيرها، حيث تقع تلك الصواريخ الاسمنتية، بالتعاون معا، لوضع ألواح عاكسة، تحذر وتنذر وتمنع الموت عن الطرق.
إن إماطة الأذي عن الطريق، أمر ديني أخلاقي لا يحتاج موافقة، بل يحتاج المبادرة، وحيث أن الجهات الرسمية لا تكترث، فإن مبادرة الناس لخدمة الناس هي فعل كريم. يخرج المصريون على الطرق بالوجبات، والمياه وحبات التمر لاطعام الصائمين، وهؤلاء وغيرهم، يدركون أن حياة الانسان، الصائم وغير الصائم، تستحق منهم عمل هذه الموانع علي مفارق الطرق، وقبل مطالع ومنازل الكباري، وعند مثلثات الطريق الفاصلة بين طريقين.
الأمر ليس فيه خفة، بل فيه استهتار، وإهمال، وفيه تقاعس، رغم أن تكلفة انقاذ الأرواح ليست بحاجة إلى قرار رئيس ولا وزير، بل تحتاج وجود ضمير عند مهندس قاتل! إنقذوا الأرواح والأموال بشئ من الضمير.