دراما الواقع.. وواقع الدراما!
ليت كليات الإعلام ومراكز البحث المعنية بقيم المجتمع وسلوكياته تنخرط في عمل استطلاع رأي حقيقي يقيس تأثير الفن وخصوصًا الدراما في المجتمع.. ويعرف رأي الناس من مختلف الفئات والأعمار فيما يقدم من أعمال درامية هل تعلموا منها شيئًا نافعًا أم أنها لا تمثل واقعهم ولا تنشغل بهمومهم وقضاياهم ومن ثم فلا يرون فيها أنفسهم..
وهل يجدون وقتا لمتابعة كل هذه الأعمال من برامج ومسلسلات في شهر رمضان.. وإذا لم تكن الدراما العربية تروق للشباب فلماذا عزفوا عنها إلى الدراما التركية مثلًا.. وغيرها من الأسئلة المهمة التي يمكنها تشخيص واقعنا ووضع أيدينا على مواطن الخلل والضعف؟!
أما حاجتنا الأشد فهي إلى دراسات وأبحاث علمية رصينة تقيس بدقة شديدة ما أحدثه الفن والدراما على وجه الخصوص في مجتمعاتنا من تغيير.. وتجيب عن أسئلة اظنها أكثر من ضرورية: هل واكب الفن حركة الحياة ومتطلبات المرحلة وتحدياتها أم تخلف شأنه شأن الإعلام وغرق في التفاهة والسطحية حتى انشغل في سفاسف الأمور وتغذية سلوكيات العنف والبلطجة وجرائم القتل البشعة وسفه الإنفاق والمظهرية والخرافة والأنامالية..
والأهم: هل يبني الفن مكارم الأخلاق ويستنهض الهمم لمعالى الأمور أم يركز على الآفات والسقطات وينفخ في السلبيات حتى تتحول لقيم حاكمة وسلوكيات طاغية تقلدها أجيالًا بأكملها وتسقط معها في غياهب التخلف والتراجع لتصبح صيدًا سهلًا في الفضاء الإلكتروني وتصبح ريشة في مهب الريح.
ليس من اللائق ترك ساحة الدراما لتدار بمنطق الجمهور عاوز كده فليس كل ما يريده الناس نافعًا لهم بل لابد من تدخل الدول بقوة في إنتاج أعمال درامية تعيد صناعة الوعي وبناء الانتماء وتصحيح المسار.. حتى لا يصبح حبيشة وعبده موتة والأسطورة هي القدوة لشبابنا وطريقًا لتغييب العقول ونسف القيم وفض الارتباط بالتاريخ الحضاري لأمة حكمت العالم وسادت الدنيا أكثر من 7 قرون.. فاعتبروا يا أولى الأبصار..
ختام الكلام: يقول مفكرنا الكبير الدكتور مصطفى محمود إن الرجل الشريف ليس صاحب سعادة ولا صاحب شهادة ولا صاحب عمارة وليس لغزًا من الألغاز.. إنما هو إنسان بسيط يعمل في وعي.. يعمل بحافز حر.. وبإحساس فادح بالمسئولية..
والشرف مراتب.. فهناك رجل يصنع نفسـه.. وهناك رجل يصنع أولاده.. وهناك رجل يصنع المجتمع.. وهناك رجل يصنع التاريخ.. وهو أشرف الشرفاء جميعًا.. وإذا أردت أن تعـرف نصيبك من الشرف.. فاسأل نفسك يومًا: ماذا صنعت لأصبح أفضل من الأمس؟!